تقرحت الجفون

للشيخ إبراهيم بن حسن الشعبي
دها أرجاءها خطبٌ جسيم وغادر هذه الدنيا الزعيم
زعيم العلم والفتوى بعصر خوت فيه العزائم والفهوم
وروع عالم الإسلام خطبٌ وقاصفة له وقعٌ أليم
أصاب العين في الإسلام منَّا فما قلبٌ لنا إلا كليم
ونؤمن بالقضاء رضا وصبرًا وإن صرع القوى وقعٌ أليم
بفقدك قد طعمنا الحلو مُرًّا وخيمت المآسي والهموم
فمن للمعضلات إذا شمخرت وحار أمام سوريها الحليم
ومن يمتص غضبة كل غر بصبرٍ: زانه قلب سليم
وإن العلم موفور ولكن بلا رفق شظايا أو سموم
وإن العلم يكمن في إهاب خوى من كل مكرمة سقيمُ
فإن لم تمتلك خلقًا أصيلًا تخلق أو تصنع يا وسيمُ
فيا عبد العزيز وأنت حيٌّ تسنمت المكارم يا كريم
حييت موطأ الأكناف سمحًا إذا صلفٌ تقمصهُ ذميم
وما خلناك منتقمًا لنفس إذا جلفٌ تطاول أو زنيم
زهدت بهذه الدنيا احتسابًا وكم أثرى بها قزم دميم
دلفتُ لداره فرأيت فيها أثاثًا لا يروق لمن يسوم
فلا (المرباغُ فيها والثنايا) ويشهد بيتُ مكة يا نديم
أعزي كل من صلى ولبى ووحَّد ربه وله يقوم
أعزي كل أرملة وطفل يتيم في مرابعها يهيم
أعزي الجاليات بكل صُقْع فما من واحدٍ إلا يتيمُ
ويا أفراد أسرته اصطبارًا فما حيٌّ على الغبرا يدوم
ويا آل السعود عزاء صدق وصبرًا للنوازل يا (تميمُ)
تقرَّحت الجفون على (ابن باز) وماذا يصنع الدَّمع السحيم؟!
وفي يوم الجنازة قد شهدنا جماهيرا وشاهدها: ضميم
ألا يا صاحب القدح المُعلى أمنت وفي أعاليها تقيم
فما رجل له جاه ومال يضاهي من بشرعتنا عليمُ
لكل مهمة ضبط وربط بدون شروطها لا تستقيم
نصحت سريرة الوالي بلطف وأنت لمن يعالنه خصيم
وأنت بهذه أحييت نهجًا وشيدت سنة السلف القديم
لتدرأ فتنة وتكف شرًّا تمرغ في مآسنه العديم
فقدنا فيك آدابًا وعلمًا وبحرًا دون لُجته نعومُ
وحقًّا في العرين: أسودُ صدق ولكن دون شأوك تستقيم
إلى الكبراء من علماء نجدٍ أوجه ما أقول ولا ألوم
فقد حملتموا عبئًا ثقيلًا تضاعف بعد أن رحل العظيم
فسدوا الثغرة الكبرى بحزم وعزم لا يلين ويستديم
وأنتم أهل رأي واقتدار وليس بسوحكم من يستنيم
وإن جزيرة الإسلام سادت ووحد شعبها الدين القويم
وإن عقيدة التوحيد روح تلقن لبَّها الطفل الفطيم
ويا ذاتية النجدي رفقًا بنا إن شط فينا مستهيم
لنلمس في تعاملكم عزاء ويرفأ جرحنا كف رحيم
فبين يديه قد كنا عيالًا يقيل عثارنا عقل حكيم[1]
  1. جريدة البلاد: العدد ( 15658)، نقلًا عن: الإنجاز في ترجمة ابن باز، عبد الرحمن بن يوسف الرحمه، (498).