رسالة شوق إلى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز

للدكتور أحمد بن عثمان التويجري
لفقدك يلهى عن بديهته الفكر وتسكب من أعماقنا الدمعة البكر
ولو أن ميتا يفتدى من مماته فدتك الدنا يا بهجة العمر والعمر
ولكن أمر الله في الناس بالغ فلله منا الحمد والصبر والشكر
ترجلت يا شيخ الفوارس بعدما تسامت بك الأمجاد واستشرف الفخر
وكنت أبا للمكرمات فمن لها وقد بت عنا اليوم يحجبك الستر
سيذكرك العلم الذي كنت نوره ويذكرك القول المسدد والفكر
سيذكرك الخير العميم نشرته ويذكرك الدرس المبارك والذكر
سيذكرك العباد في صلواتهم ويذكرك النساك والزهد والطهر
سيذكرك المستعصمون بدينهم وكل إمام ملء راحته جمر
سيذكرك الأيتام كفكفت دمعهم وواسيتهم برا فطاب بك البر
سيذكرك المستضعفون جميعهم ويذكرك المضطر ما مسه ضر
سيذكرك الإحسان والعدل والهدى وتذكرك الجلى إذا حزب الأمر
رحلت وفي أعماقنا ألف لوعة وألف حنين لا يكفكفه صبر
رحلت وفي ساحاتنا ألف نكبة وألف مصاب إذ مصائبنا كثر
على قمم الأفغان يخزى جهادنا ويسود طهر عاث في ساحه غدر
وتجري دمانا في الجزائر أنهرا ومنا وفينا ويحنا القتل والنحر
وفي كوسوفا نُمحى وتُسبى نساؤنا ويرهبنا صرب هم الغل والكفر
وفي القدس ويح القدس أين صلاحها أما آن أن يجلو دياجيرها البدر
أضعنا الهدى يا سيدي فتقطعت عُرانا وأردانا بأرزائه الدهر
وسلط فينا الظالمون فعيشنا وإن غردت أطيارنا الخوف والقهر
نعيش بسفح للوجود ودارنا ذراه ففيها كل راياتنا الخضر
ونمشي وراء العالمين أذلة ونحن الأولى فينا انتشى العز والفخر
فيا سيدي عذرا إذا فاض بالجوى فؤاد شجي فالهوى كله عُذر
ويا سيدي يا دوحة العلم والهدى لمن سيندى بعدك الروض والزهر
لمن سيبوح الأقحوان بعطره لمن سيرق الغيم والطل والقطر
لمن سيهب النسم عذبا متيما لمن سيضوع الطيب والند والعطر
لمن سيغني الطير في غدواته ويشرق في أحلى منازله الفجر
عليك سلام الله ما التاع خافق وما ضاق بالأشجان من وله صدر
وما سكبت من أعين الناس أدمع عليك وما دوّى بتأبينك الشعر[1]
  1.  إمام العصر لناصر الزهراني، (488).