زهد وحلم في كريم متواضع

للشاعر سعد عبدالرحمن البراهيم

حار الفؤاد وتاهت الأبصار مما يقال وفي الرياض يثار
قرىء البلاغ وفي البلاغ مرارة تعلوا اللسان وفي القرار دوار
هذا الأثير وقد تعثر بثه وكأنما جذت به الأوتار
أدلت فضائيات تلفاز به لتبثه في العالم الأقمار
حزن يعذب كل من أدلى به وأسى به كل الدنى تحتار
خبر كان الصحف تنثر دمعها فوق السطور ويفجع الخيار
عبد العزيز الباز راح لربه معه الثاني الطهر والأذكار
والهدي يسبقه إلى مثوى له إن شاء ربي والتقى أنوار
رزئت به الدنيا وكل موحد ذاك التقي اختاره القهار
يا شيخ أنت رحلت عنا والرؤى شرق وغرب والمدى
من للحيارى حين ينأى مرشد من ذا يجيب ليفقه المحتار
كل له من فيض بحرك قطرة تشفي الغليل وقطركم مدرار
ولديك للداء العضال بلاسم في حين حار الحاذق البيطار
فصحيح ما قال البخار ماثل فيما تقول ولا سواه قرار
هدي الرسول هو الحكم بيننا أكدت هذا فاهتدى النظار
بالسنة السمحاء رحت مخاطبًا من أبصروا الدرب السوي فساروا
وضحت في الكتب التي ألفتها يا شيخ ما تصبو له الأفكار
وسميرك القرآن في غسق الدجى تتلوه حيث تناءت السمار
إلا ملائكة الإله تحف بالـ آيات أو ما تشتهي الأسحار
من كانت الآيات منهج سعيه بشره بالتمكين حيث يصار
يا مفتيا بالدين تنشر فقهه شمسا تشع فتسفر الأقطار
في كل لفظ حجة يقضي بها وعلى الصراط يؤمها الأخيار
علمت أذكار الرسول مصليا فدعها بها الحجاج والعمار
قالوا رحلت أجل تعتمت الرؤى من قال هذا خانة الأبصار
يا شيخنا ما غبت وللكتب التي ألفتها تهنا بها الأبصار
ما غبت عنا والكنوز مليئة بالعلم، والنصح القويم منار
ما غبت يا شيخ القضاة وأنت في حكم يصاغ ملامح وشعار
ما غبت والبيت الذي شيدته للعلم والإطعام صار يزار
جلساتك التقوى ووقفتك الندى والبيت في زين هدى ويسار
كرم ونبل حاتمي رمته فاشتاقه الرواد والخطار
ما غبت والعلم الذي بلغته للناس في كل الشؤون يثار
الجامعات استأثرت ببلاغة أنت العميد متى الصروح تدار
زهد وحلم في كريم تواضع ولك المدى والفعل والإسفار
نعم الخصال أجل تعذر مثلها ولكم تتوق لمثلها الأعمار
في كل روض في المساجد وقفة لكموا وكف الضارع استغفار
نلقاك في البيت الحرام محدثا وعلى الوجوه من الحشود وقار
نلقاك في كل البيوت مؤلفًا يتلى ونصح زاجر أمار
الله أكبر يا سماحة شيخنا ضاق البيان وتاهت الأفكار
البحر أنتم والعلوم خضمه حقًا فأين يكون لي إبحار
عفوا فإني عاجر في أن أفي لخصالكم ما تفعل الأشعار؟
من أين لي شعر ورجع حروفه حرق ودمعي اذ تحدر نار
لكنه قلبي يصرّح حبه لكموا بهذا لن يعوق عثار
وقف الزمان ليوم موتك ذاهلا والشعر أيضا يعتريه دوار
قد قدر المولى تعالى خالقا لا بد تلقى الكائن الأقدار
رزء وليس كمثله رزئت به كل الأنام فلا النهار نهار
نرجو لنا خلفا نعز بعلمه وإليه بالدين القويم بشار
ندعو الإله بأن يجازي شيخنا رحماته وتحفه الأنوار[1]
  1.  إمام العصر لناصر الزهراني، (522).