فاضت عليك مدامعي وشجوني

سعود بن حامد الصاعدي
فاضت عليك مدامعي وشجوني فمَن الذي عن فقدكم يُسليني؟!
لما سرى نبأ الوفاة لمسمعي قدَّمتُ شكِّي واتبعتُ ظنوني
علم مُسجَّى فوق حدباء النّوى ومنارة هُدمت لنا في الدين
وطفقتُ أسأل كل أصحابي ولي أملٌ يُكذب قولةَ الناعين
قد كنتَ تحملنا بعلمك للهدى واليوم نحملكم لبيت الطين
ليتَ المنيةَ ما طوتك فإنما يغلي الفتى ما فيه من مضمون
ليت المنية قد فدتك بمعشر لو أنها تفديك بالمليون
عذرًا لعينٍ قد تحدر ماؤها من خافقٍ بين الضلوع دفين
لما رأتك دُفنتَ في ثوب البلى باحت بمدمع حبِّها المدفون
مليون قلب كاد يحرقها الأسى فتقاطرت في أدمع الباكين
حملتك أعناق الورى لكنما تجزيك عن تعليمها بالدون
عن نهل علمك كان يدعوني الهوى وأراه هذا اليوم لا يدعوني
فغدوت أجثو بعد موتك نادمًا لم ما اغترفتُ زلاله بيميني؟!
لم ما حزمتُ حقائبي سعيًا له فكتبتُ ما تُمليه فوق متوني؟!
عذرًا سليل العلم إن قصيدتي ثكلى وحرفي لا يُطيق شجوني
لو كنتُ أكتب بالوريد ومن دمي فقصائدي في الحزن لا تكفيني
تبكي عليك منابر لو أنها نطقت لقالت: فقدكم يُبكيني
قد حنَّ جذعٌ للنبي محمدٍ وأراك كنتَ بعلمه تسقيني
غُيبتَ في بطن الثرى لو أنه حوتٌ لكنتَ ببطنه ذا النون
فسقى الإله ثراك وبلًا صيِّبًا وجزاك عني مثلما تجزيني
خففتَ حملك من متاعٍ زائلٍ ومضيتَ عنا لستَ بالمغبون[1]
  1. صحيفة الرياض، عدد (11295)، بواسطة: سيرة وحياة الشيخ ابن باز، لإبراهيم الحازمي (4/ 1533- 1535).