عندما رحل ابن باز

عبدالله بن مبارك الكثيري
رحلت يا شيخ فانسكبت مدامعنا حزنًا عليكم وما جفَّت مآقينا
رحلت يا شيخنا والحزن خيَّمنا وليس ثمَّة غير الصبر يُسلينا
يا أيها الناسُ فقد الشيخ قاصمةٌ رزيةٌ من رزايا الدِّين تأتينا
نبكيك يا شيخنا والصبر ديدننا إنا لحكم الإله البَرّ راضينا
نبكيك يا شيخنا والله علَّمنا إنَّ البلية تأتي كي تُنقينا
ليعلم الله مَن يرضى بحكمته ومَن سيسخط أو يجزع لفانينا
يا شيخ كم من همومٍ كنتَ تحملها لو حُمِّلَتْ جملًا ألقى بها حينا
هموم أمتك الغرَّاء تحملها وتطلب الله أن يرفع مآسينا
أنت التَّقي النَّقي المخلص العلم علامة للتقى والخير تهدينا
لله درك يا شيخ الشيوخ فما يكون مثلك في الدنيا مساوينا
أفنيتَ عمرك للديان تعبده وتنقذ الدينَ من كيد المضلينا
أفنيتَ عمرك للإسلام تخدُمه من منهل العلم والآداب تسقينا
شيخ الشيوخ حباك الله منزلةً في العلم في الدين في كلِّ الميادينا
يبكيك منزلك الحيران في أسفٍ يقول: أين الذي بالذكر يُحيينا
يبكيك مسجدك المحزون في كربٍ فراقكم يا سليل المجد يُضنينا
تبكيك كل صروح العلم قاطبةً يبكيك كرسيك المفجوع محزونا
يبكيك مجلس علمٍ كنت ترأسه يبكيك أهل التُّقى جاءوا مُعزينا
يبكيك أطفال يُتْمٍ كنتَ تكفلهم يبكيك أهلٌ وجيرانٌ مصلونا
يبكيك قومٌ دعاةٌ كنتَ تأويهم يبكيك ربعٌ وإخوانٌ محبونا
ما مُتَّ يا شيخ ما ماتت محاسنكم محاسن في جبين الدهر تحدونا
ما مت يا شيخ ما ماتت معالمكم ما مات علمك بل باقٍ بنادينا
فذاك علمك بحرٌ في الدُّنا عبق أورثته كي يكون الناسُ هادينا
الله أسأل ربّ العرش يُسكنه مع الأحبة في الجنات آمينا[1]
  1. صحيفة الجزيرة، عدد (9736)، بواسطة: سيرة وحياة الشيخ ابن باز، لإبراهيم الحازمي (4/ 1705- 1707).