بفقد الشيخ آلمنا المصاب

فهد بن صالح العامر
صدقت إليه للأجل الكتاب وقلت الحقّ وضّحه الكتاب
صدقت بأن ذاك الموت حقّ بلا ريبٍ ويستقصي الحساب
نهاية كل حيٍّ ليس عنها محيصٌ أو محيدٌ أو ذهاب
وريب للمنون يغير دومًا على أرواحنا وله حراب
سعيدٌ أو شقيٌّ بعد هذا وعند الحشر للناس اضطراب
ويبقى الله ليس يموت ربي هو الخلّاق ذو النعم الوهاب
ولكنا نُصاب بفقد حبٍّ فيعظم خطبنا هو والكراب
لقد ذهل الورى ذهلًا كبيرًا بفقد الباز لم يهنأ شراب
إمام قدوة فذٌّ رضيٌّ همام فاضل شهمٌ يهاب
سماحة ذا الإمام تفوق وصفًا لها أيضا التواضع واللباب
وفي الفتيا له باعٌ طويل فقيه ناصحٌ علم شهاب
بفقد الشيخ آلمنا مصاب عظيم ليس يعدله مصاب
قضى تسعين عامًا في جهادٍ فعند الله مورده عذاب
قضى تسعين عامًا في علوم يدرسها ويفهمها الطلاب
وأعباء تحمل في ثبات وجود الشيخ يعرفه السّحاب
نُعزي أمةَ الإسلام فيه فهذه الدار أحوال عجاب
نعزي العلم والعلماء طرًّا نعزي أنفسًا ظمأى غلاب
نعزي كل فتوى كل رأي نعزي الدارسين لهم كتاب
نعزي النور نور الدرب يبكي عليه بأدمع غرزى  سكاب
نعزي العدل إذ قد هُدَّ أسٌّ لميزان العدالة كان باب
نعزي الأمر بالمعروف أيضًا نعزي النهي غاب له حجاب
نُعزي قبلةَ الإسلام فيه نعزي أرضها أضحت يباب
وطيبة والرياض وكل صقعٍ نُعزيه وقد هدّ الرعاب
نُعزي الباز آل الباز صبرًا فدته نفوسنا هي والرقاب
نعزي خادم الحرمين فيه نعزيه وقد جلَّ المصاب
ونشكر خادم البيتين لما أتى تشييعه وهو المثاب
رعيت العلم في تشييع شيخٍ له في العلم باع بل جناب
ألا لا ترجع الآهات ميتًا ولا يُجدي الشّجى هو النحاب
ولو أجدى لأرشدنا نبي ولكن سنة وله شعاب
لك الله الجليل أيا ابن باز فأنت منارة الشرع الرباب
لك الله الجليل أيا ابن باز فأنت الطهر بل أنت الخصاب
أيا ربَّاه فارحم شيخ عدلٍ وبالجنات تُؤنسه العراب
ويا رباه أسكنه العوالي من الفردوس تهناه التراب
وعوّضنا بخلف الباز بازًا يُواصل ما بناه لنا الرحاب
يسير على طريقة مصطفانا كما سار ابن باز والصّحاب
لنا أملٌ بآل الشيخ يمضي على نهج الأولى وله ركاب
ختامًا صلِّ يا ربي على مَن دعا للخير قومًا فاستجابوا
على الهادي البشير رسول نذر محمدنا هدى الحيرى فطابوا[1]
  1. صحيفة الرياض، عدد (11288)، بواسطة: سيرة وحياة الشيخ ابن باز، لإبراهيم الحازمي (4/ 1770- 1774).