موقفه من دعوى القومية العربية

لقد عايش سماحة الشيخ الدعوة إلى القومية العربية ورأى كيف انخدع الناس بها، فسعى إلى بيان خطورة هذه الدعوة وتعارضها مع تعاليم الإسلام، واستخدم أكثر من وسيلة لتوعية الناس بخطورة هذه الدعوة، فمنها: أنه أصدر كتابًا تحت عنوان (نقد القومية العربية في ضوء الإسلام والواقع) حيث تعرض فيه لنقد هذه الدعوة ووضح الأدلة الشرعية التي تتعارض معها، وذكر أنَّه لا ينبغي أن يكون اجتماع المسلمين تبعًا لأوطانهم أو أجناسهم أو لغتهم أو ألوانهم، إنما الاجتماع الذي أمرنا الله به، هو أن نجتمع على الإسلام نوالي عليه ونعادي عليه. [1]
وقد استخدم الشيخ وسائل الإعلام كذلك في نشر الوعي بين الناس وبيان خطورة هذه الدعوة الخداعة التي تعمل على تنحية الدين جانبًا، وتقسيم المسلمين وإشاعة العصبيات والنعرات بينهم، فكثيرًا ما كان يُسأل سماحته عبر البرامج الإذاعية المختلفة عن هذه الدعوة القومية، فكان يصدع بالحق ولا يخشى في الله لومة لائمٍ. [2]
وإليك ملخص ما قاله الشيخ في نقده للقومية العربية: "من المعلوم من دين الإسلام بالضرورة أن الدعوة إلى القومية العربية أو غيرها من القوميات، دعوة باطلة وخطأ عظيم، ومنكر ظاهر، وجاهلية، وكيد سافر للإسلام وأهله؛ وذلك لوجوه:
الوجه الأول: أن الدعوة إلى القومية العربية تفرق بين المسلمين، وتفصل المسلم العجمي عن أخيه العربي، وتفرق بين العرب أنفسهم؛ لأنهم كلهم ليسوا يرتضونها، وإنما يرضاها منهم قوم دون قوم، وكل فكرة تُقسم المسلمين وتجعلهم أحزابًا فكرة باطلة، تخالف مقاصد الإسلام وما يرمي إليه؛ وذلك لأنه يدعو إلى الاجتماع والوئام، والتواصي بالحق والتعاون على البر والتقوى. [3]
الوجه الثاني: أنَّ الإسلام نهى عن دعوى الجاهلية وحذر منها، وأبدى في ذلك وأعاد في نصوص كثيرة، بل قد جاءت النصوص تنهى عن جميع أخلاق الجاهلية، وأعمالهم إلا ما أقره الإسلام من ذلك، ولا ريب أن الدعوة إلى القومية العربية من أمر الجاهلية؛ لأنها دعوة إلى غير الإسلام، ومناصرة لغير الحق. [4]
الوجه الثالث: أنَّها سُلَّمٌ إلى موالاة كفار العرب وملاحدتهم من غير المسلمين، واتخاذهم بطانة، والاستنصار بهم على أعداء القوميين من المسلمين وغيرهم، ومعلوم ما في هذا من الفساد الكبير والمخالفة لنصوص القرآن والسنة الدالة على وجوب بغض الكافرين من العرب وغيرهم، ومعاداتهم وتحريم موالاتهم واتخاذهم بطانة. [5]
الوجه الرابع: أنَّ الدعوة إلى هذه القومية والتكتل حول رايتها يفضي بالمجتمع ولا بد إلى رفض حكم القرآن؛ لأن القوميين غير المسلمين لن يرضوا تحكيم القرآن، فيوجب ذلك لزعماء القومية أن يتخذوا أحكامًا وضعية تخالف حكم القرآن، حتى يستوي مجتمع القومية في تلك الأحكام، وقد صرح الكثير منهم بذلك، وهذا هو الفساد العظيم والكفر المستبين والردة السافرة. [6]
  1. ينظر: نقد القومية العربية في ضوء الإسلام والواقع، للشيخ عبد العزيز بن باز (4)
  2. مجموع فتاوي ابن باز، محمد بن سعد الشويعر (318/1-320).
  3. نقد القومية العربية في ضوء الإسلام والواقع، للشيخ عبد العزيز بن باز (7).
  4. المصدر السابق: (11).
  5. المصدر السابق: (18).
  6. المصدر السابق: (27).