شعرتُ أن في نفسه شيئًا علي

قال الشيخ محمد الموسى: "كان أحد المشايخ من طلاب الشيخ والمتتلمذين عليه والعاملين معه، وفي يوم من الأيام كتب له كتابًا قاسيًا ملأه بالعبارات القاسية، والكلمات الفَظَّة، وقال: أنت لم تعد تهتم بي، وأنت تُقَدِّم غيري عليَّ، وأنا ظُلمت معك، والناس ينتظرون فيك العدالة، وسأقف أنا وأنت بين يدي الله، لقد عملت معك مدة طويلة فلم أحصل على ترقية وتحسين لمستواي الوظيفي، إلى غير ذلك من الكلام الجاف المزعج.
يقول: فقرأت الرسالة على سماحته كاملة، فلما فرغتُ منها تبسم الشيخ، وقال: الله يسامحه، لقد أحسست بهذه الجفوة فيه، وشعرت أن في نفسه شيئًا عليَّ.
اكتب: من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الابن فلان بن فلان -حفظه الله وبارك فيه- أما بعد: فوالله إنك من أحب الناس إلى قلبي، وأنا ليس في نفسي عليك شيء، أما بالنسبة لموضوعك فأنت لم تكلمني فيه أبدًا، ولكن أرجو منك أن تُغيِّر خطابك هذا بخطاب آخر تشرح فيه موضوعك، وننظر في الأمر - إن شاء الله - ونجتهد فيه، ثم دعا له بالتوفيق والفلاح.
يقول الشيح محمد: فلما وصل الخطاب إلى الرجل احمرَّ وجهه من الخجل، ووقع في حرج عظيم، وتأثر بمواقف الشيخ تأثُّرًا بالغًا، وقال حسبي الله ونعم الوكيل، كيف أستطيع مقابلة الشيخ الآن بعد الذي حصل مني؟ قال: فجاء إلى الشيخ ليزوره ويعتذر منه، فرحَّبَ به الشيخ وأجلسه بجواره، وأرخى له سمعه، واعتذر إليه، ودعا له ووعده خيرًا". [1]
  1. انظر: [إمام العصر، ص 188] من كتاب: [مواقف مضيئة في حياة الإمام عبد العزيز ابن باز، حمود بن عبد الله المطر، دار الوطن، الطبعة الأولى، 1420هـ، ص: 108-109].