فقدنا شيخنا جسدًا ولم نفقده علمًا وسيرة واعتدالًا

محمد بن سكيت النويصر
مدير المعهد العلمي ورئيس الجمعية الخيرية
وخطيب جامع أنس بن مالك بمحافظة الرس
 
للعلم منزلته الكبيرة في ديننا الحنيف وللعلماء الربانيين فضلهم الذي لا يضاهى على أمتهم التي تكن لهم كل التقدير والإجلال، ذلك أنهم ورثة الأنبياء، ومصابيح الخير والهدى والصلاح، بما تحظى به أمتهم منهم من اعتقاد وقول وعمل وتوجيه كريم، لا يراد به إلا وجه الله سبحانه وتعالى.
ومادامت هذه منزلة العلم وهذا فضل العلماء, فإنه يجدر بنا أن نحزن لموت العلماء، ففقد العالم ليس فقدًا لشخصه فحسب، بل إنه فقد لجزء من إرث النبوة يتوازى مع ما قام به هذا العالم أو ذلك من جهود إنسانية وبحوث علمية وتحقيق وتأليف ومجالس ذكر وخدمة خالصة للإسلام والمسلمين, ولاشك أن فقد العالم لا يعوضه مال ولا سواه من متاع الدنيا، إلا إذا يسر الله من يخلفه بين العالمين فيقوم بمثل ما قام به من جهاد ونصرة للحق.
وبلادنا فقدت قبل أيام أحد علماء المسلمين المعتبرين ممن قضوا حياتهم في طلب العلم النافع، وبذلوا جهودًا كبيرة في خدمة الدين، وأبناء الأمة، إنه العلامة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ذلك النهر الإسلامي الصافي حيث نهل من معين العلم النافع منذ نعومة أظفاره، وسخر علمه وجهده ووقته لخدمة الإسلام والمسلمين، يزين ذلك تواضع جم وزهد بالغ الشفافية، مع حب للخير وأهله، وبذل وعطاء دائمين، وهذا ما جعله - رحمه الله - يحظى باحترام كل مسلم ومسلمة في شتى بقاع العالم, وعلينا جميعًا أن نستفيد من علمه وأسلوبه المعتدل في شتى المجالات الإسلامية؛ لأن ذلك من باب البر به، فإن كنا فقدناه جسدًا فإننا - بالتأكيد - لم نفقده علمًا وذكرًا طيبًا وسيرة حسنة وقدوة خيرة.
ولاشك أن المسلم يفتخر وهو يرى الوالد القائد خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني - حفظهم الله - وكبار الأسرة الحاكمة والوزراء والمسئولين وعامة الناس من مواطنين ومقيمين - وهم يشاركون المسلمين مصابهم بفقد هذا العالم الجليل، وهذا ليس بغريب على أولياء أمورنا الذين ضربوا أروع الأمثلة في تقدير العلم والعلماء وعلى رأسهم قائد الأمة خادم الحرمين الشريفين.
ولا نملك في هذا المقام إلا أن ندعو الله لشيخنا الجليل بالمغفرة، وأن يجزيه سبحانه خير الجزاء عن الإسلام والمسلمين، ويرحمه الله برحمته الواسعة، ويعوض أمة الإسلام عنه، ويلهم ذويه وكل مسلم ومسلمة الصبر والسلوان، إنه سميع مجيب[1].
  1. جريدة الجزيرة، السبت 6 صفر 1420هـ.