فقيد الأمة.. العالم الجليل والمجتهد الكبير

إبراهيم بن عبدالعزيز الشهري
عضو هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بالرياض
 
كتب الله سبحانه وتعالى الفناء على من سواه: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ [الرحمن:26]، وتفرد هو بالبقاء: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن: 27].
وإن فقد سماحة شيخنا ووالدنا العلامة التقي الورع الزاهد عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالرحمن بن باز لهو مصيبة كبيرة، وخسارة عظيمة، وفاجعة على الأمة جسيمة، فلقد فقد العالم بوفاته عالمًا جليلًا ومجتهدًا كبيرًا له في كل مؤسسة دعوية حضور: رابطة العالم الإسلامي، هيئة كبار العلماء، المجلس الأعلى العالمي للمساجد، المجمع الفقهي الإسلامي، اللجنة الدائمة للإفتاء، رئاسة البحوث العلمية والإفتاء، عضو المجلس الأعلى للجامعة الإسلامية، عضو الهيئة العليا للدعوة الإسلامية، هذا بالإضافة إلى الدروس التي يلقيها ويشرحها لطلابه على اختلاف زمانها بعد الفجر وبعد المغرب والمحاضرات التي يتولاها بين الفينة والأخرى.
أما مشاركاته الإعلامية فهي أكثر من أن تعد منذ بدأت الإذاعة إرسالها وله حضور في كثير من برامجها لا سيما إذاعة القرآن الكريم، ومن أشهرها وأقدمها البرنامج اليومي المعروف (نور على الدرب) فكم استفاد من هذا البرنامج من الخلق الكثير في شتى بقاع المعمورة.
وسماحته رحمه الله معروف لدى القاصي والداني، فلقد حدثنا الإخوة الدعاة في كثير من الدول الغربية عن المسلمين هناك وأنهم يسألون عن سماحته وعن برنامجه اليومي ودروسه العلمية، وما ذاك إلا لما وضعه الله له من القبول في الأرض، وكما جاء في الحدث الشريف أنتم شهداء الله في أرضه قال أحد طلابه وهو من الشعراء.
رمز الهدى والتقى والله يحفظه بمثله أمة الإسلام تفتخر
ماعاش يحني لغير الله جبهته أو غره أنه في الناس مشتهر
فالزهد ديدنه والنصح مبدؤه والعين باكية والقلب منكسر
ولقد كانت مجالس سماحته عامرة بالفوائد الجمة إما ذكر أو نصح أو فتاوى للسائلين.
وكما قال الشاعر:
العلم مؤنسة والله يحرسه ما كان مجلسه للقيل والقال
ولقد كان لسماحته- رحمه الله ورضي عنه- مواقف بطولية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يشهد له بذلك عارفوه، فكم من خطاب كتبه ناصحًا ومذكرًا وموجهًا لمن وقع في شيء من المخالفات.
يا رائد العلم في هذا الزمان ويا مجدد العصر في علم وأعمال
وحاتم في عطاياه وجودته في بحركم لا يساوى عشر مثقال
في الجود مدرسة في البذل مملكة في العلم نابغة أستاذ أجيال
هذه الأبيات قالها تلميذه الأستاذ ناصر الزهراني في ديوان أسماه (بازية الدهر) وهو موجود في المكتبات.
ولقد مُنح سماحته جائزة الملك فيصل العالمية في عام 1402هـ لخدمة الإسلام، ولسماحته أبناء بررة كانوا في خدمة والدهم منهم الأستاذ الشيخ أحمد بن عبدالعزيز بن باز المحاضر بكلية الشريعة بالرياض، ولسماحته عدد كبير من المؤلفات تربو على 20 كتابًا ورسالة في شتى فنون العلم: الفقه، العقيدة، الفرائض، الحديث، رحمه الله رحمة واسعة.
إن تبق تفجع بالأحبة كلهم وفناء نفسك لا أبالك أفجع
أسأل الله أن يجعل الجنة داره، وأن يخلف على الأمة بخير.
يا رب واجعل جنات الخلد منزله مع نبي الهدى والصحب والآل[1]
  1. ينظر: جريدة الجزيرة، الأحد 1 صفر 1420هـ.