مجاهدة للنفس.. ومواصلة لا تكل للعمل

د. يحيى بن إبراهيم اليحيى
الجامعة الإسلامية - مركز خدمة السنة - المدينة النبوية
 
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
اللهم أجر المسلمين في مصابهم في سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز واخلف عليهم خيرًا منه، وارفع درجته في المهديين واجعله في عبادك المقربين مع الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون، وأخلفه في عقبه يا رب العالمين، وإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أخي الكريم: إليك بعض صفات فقيد الأمة والتي اكتسبها من خلال المجاهدة للنفس ومواصلة العمل مع التوكل والاعتصام بالله تعالى، فحاول أخي الكريم أن تأخذ ولو ببعض منها، واعرض نفسك عليها، وكن صريحًا هل لك مساهمة في مثل هذا الخير الذي قام به هذا الإمام - رحمه الله تعالى؟
كل ما أذكره له شواهد كثيرة وقصص معروفة شهيرة، وإنما الغرض من ذكر ذلك هو التذكير وليس الترجمة.

أولاً: الجانب العلمي فقد برز الشيخ في العلوم التالية حفظًا وتأليفًا وتعليمًا وتطبيقًا:
التوحيد، التفسير، الفقه، الأصول، الحديث، الرجال، الفرق والمذاهب، اللغة، وغيرها.

ثانيا: جانب العبادة والنسك.
  • صلاة الليل فلم يتركها قط.
  • التبكير إلى الصلاة والمحافظة على الصف الأول طوال عمره.
  • ختم القرآن كل ثلاث أو كل أربع ليال على الرغم من كثرة مشاغله.
  • الخشوع والبكاء من خشية الله تعالى.
  • المحافظة التامة على أذكار الصباح والمساء بما يقارب ساعة كاملة.
  • ملازمة الحج والعمرة طول حياته.
  • الحرص التام على النوافل بما فيها صلاة الضحى.
  • لسانه رطب من ذكر الله تعالى.
  • كثرة صيام التطوع في الصيف والشتاء.
  • صدقة السر وصدقة العلانية، فلم يذكر عن الشيخ أنه مر عليه يوم واحد ولم يتصدق.

ثالثاً: الزهد والورع:
  • تحري الحلال في أكله ولبسه.
  • الزهد فيما في أيدي الناس.
  • عدم التطلع إلى أعطيات أو هدايا أو تجارة.
  • عدم التطلع إلى المناصب.
  • لم يأخذ إجازة قط في حياته.
  • البعد عن المظاهر.
رابعًا: جانب الأخلاق:
لقد امتاز الشيخ - رحمه الله - بأخلاق عالية أصبحت من سجيته يتعامل بها دون أي تكلف أو تصنع، ومن هذه الأخلاق التي أعرفها عنه:
  • سعة الصدر على كثرة الأعمال وتنوعها، وكثرة الناس المترددين عليه وتباينهم، وكثرة المشاكل التي تعرض عليه، فقد كان يستقبل كل ذلك بصدر رحب وسعة بال.
  • التواضع للكبير والصغير والرجل والمرأة والعربي والأعجمي والمقيم والغريب.
  • سلامة القلب للناس أجمعين بعيدًا كل البعد عن الحسد والحقد والبغضاء.
  • من طبعه السماحة ومحبة التيسير على الناس (يتكلف ألا يتكلف).
  • الصبر بجميع أنواعه على كثرة المصائب العامة والخاصة التي تنزل به.
  • تحمل أذى الناس ومقابلة ذلك بالإحسان، بل يدفع بالتي هي أحسن.
  • المواساة لعامة المسلمين وخاصتهم ذكرهم وأنثاهم.
  • الذب عن أعراض العلماء والدعاة والنهر الشديد لمن يقع فيهم.
  • الأصل عنده حسن الظن بالمسلم مهما كان.
  • الكرم العميم، فلم يذكر عن الشيخ أنه أكل وحده، بل بيته تحول إلى مضافة للجميع.
  • الشفاعة المبذولة للجميع.
  • الحلم والأناة.
  • البعد التام عن تصنيف الناس وتفريق المسلمين وتجزئتهم.
  • سلامة اللسان، فلم يعرف عنه قط أنه اغتاب مسلمًا، بل لا يسمح أن يذكر عنده مسلم بغيبة أو نميمة أو نقيصة.
  • قبول الحق من أي إنسان جاء به.
  • الرجوع إلى الحق وعدم اللجاجة فيه متى ما تبين له بدليله.
  • استيعاب الناس كلهم على اختلاف آرائهم وبلدانهم وتوجهاتهم.
  • الإنصاف للناس على مستوى الأفراد أو الجماعات والبلدان، يذكر حسناتهم ويدعو لهم، وينصح لهم في أخطائهم وتجاوزاتهم.
  • بعده عن الإسراف في كل شيء: في المدح أو الذم، في الكلام، في الأكل أو الشرب والملبس والمركب والمسكن وغيرها.
  • الدقة التامة في المواعيد.
  • كثرة مشاورته وعدم استبداده برأيه.
  • البعد التام عن مصادرة آراء الآخرين.
  • الوفاء التام لشيوخه والدعاء لهم.
  • بعده التام عن منازعة الأقران، بل كان يجلهم ويحترمهم ويعظمهم.
  • أخذ العلم ممن دونه بدرجات كبيرة فضلًا عمن هو يقاربه أو يماثله.
  • حسن الإنصات والاستماع للمتكلم مهما كان.
  • العدل في الحديث بين الناس فلا يقدم أحدا لجاهه أو ماله.
  • الرغبة في إصلاح ذات البين على مستوى الأفراد والأسر والجماعات والدول.

خامسًا: جانب الدعوة:
كان وقت الشيخ مشغولًا بالخير والدعوة إليه من قبيل الفجر إلى هزيع من الليل، يستوي فيه أيام الجمع والعيدين وغيرها صيفًا وشتاءً مقيمًا ومسافرًا، بل كان مشغولًا بأمر الناس حتى قبيل وفاته بأربع ساعات فقط!! ومن هذا الخير الدعوة إلى الله تعالى والتي استولت على جل اهتمامه، فمن المجالات الدعوية التي ساهم فيها:
  • الدعوة بالقدوة، فكان رحمه الله مثالًا للرجل العالم العامل الخاشع القانت الزاهد.
  • الدروس العامة والخاصة.
  • المحاضرات والندوات والمواعظ والكلمات.
  • الفتاوى للخاصة والعامة القريب والبعيد في النوازل وفي غيرها.
  • الاحتساب على جميع الناس مهما اختلفت مناصبهم وأعمالهم.
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقول والفعل والتشجيع والحث، فإليه مفزع الناس بعد الله تعالى في كل منكر أو مخالفة يلاحظونها، فيستقبلها منهم وينصرهم ويؤيدهم ويدعو لهم.
  • تأليف الكتب وكتابة المقالات.
  • مراسلة الناس وتوجيههم على اختلاف مناصبهم وأحوالهم.
  • طباعة الكتب وتوزيعها.
  • الرد على أهل البدع والانحرافات.
  • كفالة الدعاة والعلماء والمصلحين في كل مكان في العالم.
  • التأسيس للمحاضن الدعوية أو المشاركة في تأسيسها، ومن ذلك الجامعة الإسلامية، ورابطة العالم الإسلامي والمجمع الفقهي والجمعيات الخيرية وغيرها كثير جدًا.
  • طرح البرامج الدعوية والإعانة عليها.
  • الاهتمام والتقصي عن جميع قضايا المسلمين في كل مكان.
  • مشاركة المسلمين اهتماماتهم: أفراحهم وأتراحهم.
  • تأييد العلماء والدعاة وتوجيههم ودعمهم والوقوف بجانبهم والانتصار لهم.
  • حل المشاكل والخلافات الدعوية.
  • استقبال الوفود والحفاوة بهم وإكرامهم.
  • المشاركة في الجهاد في سبيل الله تعالى ودعم المجاهدين وحث الناس على إعانتهم، والحرص التام على جمع كلمة المجاهدين ونصحهم وتوجيههم. [1]
  1. جريدة الجزيرة، الخميس 5 صفر 1420هـ .