ألم الفراق

عبدالعزيز حمود القويعي
بلدية حائل
 
الحمد لله في كل حال والصلاة والسلام على محمد وصحبه ومن والاه، وبعد:
إنها الفجيعة الكبرى والخطب الجلل والمصاب العظيم، إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، إنا لله وإنا إليه راجعون، نعم إن فقد إمام جليل بمثابة شيخ الشيوخ ابن باز لهو أشد على النفوس من وقع السيوف، لم لا؟ وهو الإمام الذي يصعب أن ترى مثله في هذا الزمان والعصر، فكان حقا وحيد عصره وإمام زمانه، فقد أفنى عمره في تحصيل العلم النافع ونشره حتى صار أشهر من علم في رأسه نار، فذكره على كل لسان، واسمه في كل مكان، فلا تجد موقعا في أنحاء المعمورة يذكر الله فيه إلا وابن باز محل السؤال والاهتمام، فهذا يسأل عن صحته وحاله، وذاك يدعو الله له بظهر الغيب أن يجزيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وهو مع ذلك لم تطأ قدمه شبرا خارج هذه البلاد أعزها الله، مناقب كثيرة وفضائل عديدة جعلته يحظى بهذه المنزلة الكبيرة في قلوب المسلمين في شتى بقاع الأرض قال تعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ.
إننا والله لنتألم ونحزن أيما ألم وحزن، كيف لا نتألم ولا نحزن على فراق من كان للعلوم النافعة معلما وناشرا؟! كيف لا نتألم ولا نحزن على فراق من كان للمساكين أخا وعضدا؟! وكيف لا نتألم ولا نحزن على من كان للفقير عونا بعد الله ومساعدا؟! كيف لا نتألم ولا نحزن على من كان لأمور المسلمين وقضاياهم مهتما ونصيرا؟! آه كم واحد سيفقد تلك البشاشة على محياه، وكم واحد سيفتقد النبل والسخاء والجود والكرم، تواضع ودماثة خلق وشهامة وصدق وصفات كثيرة تندر أن تجتمع في رجل واحد في هذا العصر وهي في شيخنا وإمامنا أبت إلا أن تجتمع وقد قال ﷺ: الكمال من الرجال كثير فليرحمك الله أبا عبدالله، ويجعل الجنة مثواك في عالي عليين مع النبيين والصديقين والصالحين والشهداء وحسن أولئك رفيقا. [1]
  1. جريدة الجزيرة ، الأربعاء 4 صفر 1420هـ .