أحقًّا غبتَ في لحدٍ؟

إبراهيم بن سعد أبا حسين
قف بالمقام ونادِ القوم بالعبر وليس يشفي الجوى صبر لمصطبر
ودع لعينيك دمعا لست تمنعه فالقلب في قلقٍ طورًا وفي حذر
هون عليك فما الدنيا بباقية إنا إلى الله يا قلباه في سفر
عبدالعزيز أحقًّا غبتَ في لحد وجزت عن عاصف الأحداث والشرر
طوى الجزيرة والآفاق أجمعها هول المصاب وذاع الحزن في البشر
راح الإمام الذي ذاعت إمامته وعز مسمعه في كل مدكر
أسست بالحلم ركنًا لا يزعزعه أحقاد مبتدع أو مذنب أشر
ما راح وقتك في شيء تعاوده إلا الحديث وإلا محكم السور
حفظت من قِدَم نورًا تردده وقمت للدرس حتى آخر العمر
لما فقدت سواد العين في صغر أعطاك ربك نور القلب والبصر
بين الصحيحين ترعى في خمائله والزاد تشرحه عفوًا بلا قسر
ليث إذا الدين تلقاه عداوته لا ساكتًا أبدًا إن سِيم بالكدر
تقوم بالليل تبكي مثل نائحة تستغفر الله ذا الإجلال والقدر
تمشي الهوينا وحولك جحفل لجب يسير سيرك في صمت وفي فكر
تسير فتواك في الدنيا مغربة تيمم الشرق حتى مسقط الأثر
تسير فتواك لا صحفًا ترددها وضاع في الناس قول الخائب الخسر
إن جئت للدرس تلقى فيه أغلمة رهبان ليل وأسد مطلع السحر
شوس غطارفة صدقوا بجدهم يتسابقون إلى العلياء والظفر
قاموا إلى الشيخ في أبهى مجالسه يتحلقون لنيل العلم والأثر
وصار بينهم كالليث ترهبه لكنما الوجه من تقواه كالقمر
يبكي إذا ذكر الأصحاب كلهم فكيف إن ذُكر المختار ذو الخير
وإن سألت فعلم الصدر ينثره تقاذف البحر بالأمواج والدرر
أمست مجالسه وحشًا معطلة كأن لم يكن فيها غرة الغرر
فقل للمقابر جاءك سيد علم قد كان في الناس بالخيرات كالنهر
كم بالحجاز ومصر والشام وكم بالهند والصين والبلدان والجزر
من دمعة الفقد لا تنفك باكية وليس يغني البكا عن سابق القدر
جاءوا إلى البيت في خوف تحثهم ملائك الخير في سهل وفي مدر
واروه بالدمع حتى غاب مكفنه خلف التراب وخلف الغصن والشجر
وقفوا إلى القبر من أنحاء قاصية يتقاذفون عليه الدمع في عبر
وكان يومًا على الإسلام لن تره إلا كمثل الصحب والأنجم الزهر
يبكي عليه رجال لست تعرفهم لكنما الله أحصى الدمع في المدر
إليك من ربك الرحمن منزلة في جنة الخلد بين القصر والنهر
سقيت يا جدنا في العدل موطنه بالودق والمعصرات الغرّ والمطر[1]
  1. جريدة الجزيرة، عدد (9729)، بواسطة: سيرة وحياة الشيخ ابن باز، لإبراهيم الحازمي (1401/4- 1404).