بازية الدهر
للدكتور ناصر بن مسفر الزهراني
| يا مرحبا بإمام قدره عال | وصوته عندنا مستعذب غال |
| يا مرحبا يا إمام الحق أنفسنا | قامت تحييك في حب وإجلال |
| ترقصت كلماتي وانبرى قلمي | لمنطق صادق كالسيل هطال |
| ما أعظم الأنس يا أغلى الضيوف فقد | جدتم علينا وأنتم أهل أفضال |
| أقبلت إذ أقبل العام الجديد فما | أحلى وأجمل هذا الفال من فال |
| من ضيفنا؟ خير من في الأرض في | نظري شهادة ما أنا عنها بميال |
| يا من رأى مثله أو من يضارعه | فليأت بين الملا يزري بأقوالي |
| يا رائد العلم في هذا الزمان ويا | مجدد العصر في علم وأعمال |
| وحاتم في عطاياه وجودته | في بحركم لا يساوي عشر مثقال |
| في الجود مدرسة .. في البذل مملكة | في العلم نابغة .. أستاذ أجيال |
| الحق مذهبه والنصح يعجبه | والذكر يطربه يحيى به سال |
| العلم مؤنسه والله يحرسه | ما كان مجلسه للقيل والقال |
| بالنص فتواه .. بالرفق ممشاه | من فيض تقواه مخشوشن الحال |
| لم ينتقص أحدا .. لم يمتلئ حسدا | لم يفتتن أبدا بالمنصب العالي |
| العين دامعة .. والكف ضارعة | والنفس خاشعة من خشية الوالي |
| المال ينفقه .. والوعد يصدقه | والشهد منطقه مستعذب حال |
| يا درة العصر يا بحر العلوم فما | رأت لك العين من ند وأمثال |
| حقا فقد عرف التاريخ كوكبة | مضيئة من صناديد وأبطال |
| مثل ابن حنبل أو مثل ابن تيمية | أو البخاري في إسناده العالي |
| لكننا يا حبيب القلب نبصرهم | كأنما مثلوا في شخصك الغالي |
| يا مشرق الوجه عيني حين تبصركم | أحب من خير أصناف العطايا لي |
| وقد ألام على هذا الثناء وقد | يقول بعض أناس مسرف غال |
| يا لائمي لا تلمني لم سماحته | سبا فؤادي استولى على بالي |
| دعني أتيه على الدنيا برائعة | بازية الوجه زهرانية الشال |
| دعني فقد فتنت نفسي بروعته | وحبه رغم حساد وعذال |
| باز تصيد قلبي ثم طار به | إلى سماء الهوى فلترحموا حالي |
| بئس البيان الذي لم يكتس حللا | من مدح شيخ عظيم القدر مفضال |
| لو ناب أمر معاذ الله أو خطر | أفدي سماحته بالنفس والمال |
| لو أن لي حيلة أهديته مقلي | فليس شيء على شيخ الهدى غال |
| لكن عينيه في الميزان راجحة | تزري بمليون من أبصار أمثالي |
| لم تبصر العين لكن الفؤاد يرى | بنور خالقه من بعد أميال |
| أنت الكفيف ولكن أبصرت أمم | بفيض علم نقي منك سلسال |
| رفعت للعلم أبراجا مشيدة | تجلو صداه وتحيي رسمه البالي |
| كم قلعة للهدى والعلم شامخة | يطل منها سناكم خير إطلال |
| مرت ثمانون عاما كلها عمل | ودعوة في شموخ دون إدلال |
| وأنت لا زلت تمضي دونما ملل | في همة تبلغ الجوزا وإقبال |
| يا رائدا في ركاب النور متقدا | تطيب فيه تراتيلي وأقوالي |
| سر بارك الله في علم وفي عمل | والله يرعاك في حل وترحال |
| قم يا أمام الهدى أحي القلوب بما | آتاك مولاك من علم وأفضال |
| قم يا ربيب التقى عطر مسامعنا | فالكل في قربكم مستأنس سال |
| قم وازرع الهمة العلياء في أمم | غاصت بأقدامها في عمق أوحال |
| وناد في أمة الإسلام إن لها | مجدا تليدا مضى في دهرها الخال |
| كم أنقذت أمما كم حطمت صنما | وبددت مجد سفاك ودجال |
| تربعت فوق هام المجد أزمنة | لأنها صدقت في طاعة الوالي |
| وسادها كل شهم نابه ورع | مجاهد صادق بالحق قوال |
| فباعت المجد والأخلاق وافتتنت | بالسير في ركب كفار ومختال |
| تعب من شهوات الذل سادرة | في نومها وارتمت في حضن قتال |
| إلا أناسا أنار الله رؤيتهم | لم يرتضوا السير في أعقاب ضلال |
| ساروا على الحق ما ذلوا وما وهنوا | وما استكانوا وما خروا لتمثال |
| يا أمتي بددي الأوهام وانتفضي | وحطمي رق آصار وأغلال |
| يا أمة يعرف التاريخ سطوتها | وبأسها ما لها لاذت بأذيال |
| كانت إذا غضبت يوما على أحد | تزلزل الأرض منها أي زلزال |
| واليوم يا سائلا عنها فقد منيت | بوابل من جحيم الذل منهال |
| تفرق واختلافات ومسغبة | أما الجهاد فيلقى شر إهمال |
| يذلها بعد ذاك العز شر ذمة | في الأرض من نسل أوغاد وأنذال |
| هذي فلسطين يلقي المسلمون بها | أذية لم ترد يوما على بال |
| والعين تبكي على البلقان من جثث | وهتك عرض ومن تشريد أطفال |
| تدمى جراحاتنا في كل ناحية | من الفلبين حتى أرض صومال |
| وذاك شعب العراق الحر شرذمة | تذيقه شر نيران وأنكال |
| والجرح يثعب في كشيمر وا ألمي | وكم يهان بها من ذات خلخال |
| وساكن الهند يبكي من تسلطهم | ومن مكائد غدار ومحتال |
| وتلك لبنان يغتال الجمال بها | فلعنة الله كف مغتال |
| وتلك ألبانيا كم تشتكي ألما | وروسيا كم بها من شر أهوال |
| وانظر لبعض ديار المسلمين ترى | أبناءها بين مقتول وقتال |
| وبعضها انسلخت من دينها ورمت | دعاتها في لظى سجن وأغلال |
| يا أمة عزها الإسلام ليس لها | فيما عداه سوى بؤس وإذلال |
| فهل يعود لها عز وأبهة | وقلبها من هدى معبودها خال؟ |
| من يرتجي عزة في غير طاعته | كظامىء يرتجي ماء بغربال |
| والله لو رجعت للحق والتزمت | بنهجه دون تمييع وإخلال |
| ويممت وجهها للعلم وانتفعت | بنوره لاهتدت من بعد إضلال |
| وشالت المجد في أحلى مناظره | وأصبحت بعد ذل في الدرى العال |
| يحميك مولاك يا أرض النبوة | ضيم وسوء وإخلال وبلبال |
| يا من بمنهج مولاها وطاعته | فازت بأمن وإيمان وأموال |
| على ثراك النقي الحر كم درجت | أقدام أعظم أبطال وأشبال |
| يا قبلة الأرض سيري في الطريق على | منوالهم خير منهاج ومنوال |
| وامضي على نهجك الوضاء واعتبري | بما يحيط بنا من سيئ الحال |
| يا رب يا سامعا صوتي ومسألتي | أدعوك يا رب في صدق وإجلال |
| أدعوك يا مبدع الأفلاك من عدم | وخالق الناس من طين وصلصال |
| يا واسع الفضلى يا من لا شريك له | ويا مقدر أرزاق وآجال |
| أطل لنا عمر هذا الشيخ إن | لنا بمثله خير أمجاد وآمال |
| واحفظه من كل سوء واحمه أبدا | من أي ضيم وأسقام وأنكال |
| وزده علما ونورا واحم طلعته | يوم القيامة من حر وأهوال |
| يا رب واجعل جنان الخلد منزله | مع نبي الهدى والصحب والآل[1] |
- الإنجاز في ترجمة الشيخ عبد العزيز بن باز ليوسف بن عبد الرحمن الرحمة (336).