سلام عليك ابن باز
للدكتور محمد بن عبدالله إبراهيم الخرعان
| سلام على الشيخ الجليل فسلموا | سلام محب قلبه متألم |
| فقيد بلاد المسجدين وأمة | مآثره في نصحها تتكلم |
| إمام الهدى عبد العزيز وإنما | محبته للخير والفضل ميسم |
| بها يعرف الساري على هدي أحمد | ولا يبغض الشيخ المبجل مسلم |
| نعاه ثرى نجد وكثبان رمله | مرابعُه فيها تئن وتتألم |
| وضمّته ضم الأم جسم وليدها | بلاد حجاز الله وهو المتيم |
| وبكاه من كل البلاد تُقاتها | وناح عليه عالم ومعلم |
| وشيّعه مليون حُرّ | وصلى عليه المسلمون وسلموا |
| أقول وقد غض المطاف بمن أتوا | لتشييعه من كل فج ويمموا |
| لعمرك هذا العز لا عز ثروة | ولا عز سلطان لمن كان يعلمُ |
| تراه حديث الناس في كل مجلس | بآثاره كل الشفاه ترنّم |
| إذا ما التقى خل ووافى خليله | يعزيه فقد الشيخ فالأرض مأتم |
| فلله شيخ ما أبر خلاله | ولله شيخ ذائع الصيت مكرم |
| إذا رنّ في المذياع نغمة صوته | تنادى له طفل وكهل وأيم |
| لقد كان في حلق المضلين غُصة | وعند ذوي التقوى روَاء وبلسم |
| أبى الله إلا أن يجلّ مقامه | ويرفع من مقداره ويعظم |
| بكت فقدك الآيات تتلو مئينها | تقوم بها حينًا وحينًا تعلّم |
| وبكتك من قول الحبيب صحائف | ويبكيك منهن البخاري ومسلم |
| ويبكيك محراب وأعواد منبر | ويبكيك طلاب وصحب ومحرم |
| وتبكي خلال الجود والبذل والسنا | وطيب السجايا والندى والتكرم |
| بكيتك يا شيخ الهداة وإنني | بحبك والأبرار صب متيم |
| أنيس إذا ما جئته خلت أنما | بك الشيخ معنيا وأنت المقدم |
| وكل يرى منه الذي أنت خلته | ويبصر ما أبصرت منه ويعلم |
| كريم نقي القلب خال من الأذى | قريب من الرحمن راض مسلم |
| حفي بكل الناس من كل بقعة | فلا غرو إن لاقى المحبة منهم |
| أيام علم الإسلام فقدك فاجع | له تحزن الأكوان والدين يثلم |
| فقد كنت كالحصن الذي يحتمى به | إذا هاجت الأهواء، بالحق تهزم |
| وقد كنت صبحًا يستضاء بنوره | إذ لاح في الأفق البلاء المعتم |
| وقد كنت سيفا يُفزع الشر حده | وفي ظله يأوي المحق ويسلم |
| ستفقدك الآلاف كنت لفقرها | غني ولها في الجهل أنت المعلم |
| ويفقدك الحجاج في كل موطن | إذا ما أتوا تلك البطاح وخيموا |
| ويفقدك الشاكي ظُلامة ظالم | شفاعتكم في دفعها تقوّم |
| وإن عصفت بالأرض أهواء بدعة | أو اشتط رأي رأيك السمح ملحم |
| ألا يا ابن باز فقدناك والدا | ونجواك للرحمن والليل مظلم |
| وترتيل آيات الكتاب تزيدها | على حسنها حسنا فتفتي وتفهم |
| وعرضك أقوال الرسول كأنها | على قلبك المخموم رسم معلم |
| تحث على التقوى وتدعو لسنة | بها أنت من بين المصلين مغرم |
| أقول لشعري: جاد نظمك عندما | رأيت ابن باز فهو للشعر مكرم |
| فقال: نعم، إني أٌول وما أرى | بأني أوفي حقه وأتمم |
| ولكني حسبي إن ما قد نظمته | هو الحق لا زور ولا ثم مغرم |
| فوا الله ما إن قد رأيت بمثله | ولا مثله بين الخلائق يُهضم |
| سقى قبرك الرحمن وابل غيثه | وأعطاك من نعمائه وهو أرحم |
| وروّاك من كأس النعيم وأنسه | وفي روضة الجنات تهني وتغنم |
| تروح عليك الطير في كل غدوة | ويأتيك من روح الجنان التنعّم |
| وخلد في الباقين ذكرك صالحًا | وأجرى عليك الأجر ما فاه مبسم |
| وصلّ إلهي ما بدى الصبح أو دجى | ظلام على نور به القلب مغرم |
| نبيك خير الخلق أحمد والألى | على نهجه ساروا وشرعك عظّموا[1] |
- إمام العصر لناصر الزهراني، (722).