لك يا ابن باز في القلوب منازل

الدكتور مبروك عطية أبو زيد
عوت الصحائف فالعلوم بكاء ببكائها تتمزق الأحشاء
والسحب في عليا السماء دموعها  من كل هول مطرها الأرزاء
والأرض قد نقصت بموت حياتها  إن البسيطة روضها العلماء
هم زينة الدنيا وسر جمالها  وبموتهم تتقبح الحسناء
واليوم مات إمامهم وكبيرهم  عبد العزيز أتى عليه قضاء
وقضاء ربك للعباد ملازم  ولو احتواهم ضيق وفضاء
لكنها الدنيا الدنية سيدي  ما دام فيها للحبيب لقاء
والدار فيها بعد حسن بنائها  سيصيبها بعد عند الردى إقواء
لك يا ابن باز في القلوب منازل  ترقى بحبك والدماء فداء
ما كنت يا شيخ الشيوخ سوى الندى  ونداك منه تولدت أنداء
تروي العقول من العلوم وسرها  فإذا الظلام أمامها أضواء
ما قلت رأيا عن هواك وإنما  الرأي منك شريعة سمحاء
أبطلت من بدع تورث إفكها  ولمثل هذا شرع الإفتاء
وشرحت غامض مشكل في حكمة  تعبت لنيل مراده الفصحاء
ونقلت سالف عهدنا في حاضر وحمى ركابك في الطريق إباء
للدين يا عبد العزيز يصونه  حتى وإن كثرت به الأعداء
وسقيت بالعلم الجزيرة والدنا  نطق الرياض وبلغت أصداء
حتى رأينا الناس في أقصى المدى  تدنو إليك وكلهم إصغاء
يشفى من الفتن العصيبة مسلم  فتواك في كل النفوس شفاء
ومشيت بين الناس رمز تواضع  وقد اعتلاك من الإله بهاء
فكسوت عين الناظرين بهيبة  إن التواضع للفضيلة ماء
أديت حق العلم في أرض الهدى  وولاتها يا شيخنا نبلاء
ورفعت صرح الحق في أرجائها  وجميعهم من أهله وجهاء
أبناء من جمع الصفوف جهاده  ما إن دعوت فكلهم أكفاء
صانوا الشريعة وابن باز بينهم  قد أكرمته لعلمه الأمراء
والعلم يحيا في بلاط أئمة  هم بالعلوم وأهلها رحماء
واليوم تلقى وجه ربك راضيا  وجنود ربك في السما رفقاء
سكن الفؤاد فنم هنيئا شيخنا  فالخلد مأوى والنعيم جزاء
إن الحدائق إذ تطوف بينعها  من فضل ربك منّة وعطاء
من للعلوم وقد رحلت مودعا  أنت الإمام وكلنا ضعفاء
إن الأئمة بعد موت إمامهم  زادت عليهم بعدك الأعباء
مات الفقيه وزرعنا كنفوسنا  ونفوسنا بعد الفقيد ظماء
إن فرق الموت الجسوم بطبعه  فالعلم بعد الموت فيه بقاء
والناس موتى في بيوت معاشهم  والعالمون بقبرهم أحياء[1]
  1. إمام العصر لناصر الزهراني، (625).