مصاب عظيم

للشيخ علي بن قاسم الفيفي
مصاب عظيم بالغ الرزء فادحه  وخطب جسيم غائر الجرح بارحه
أهاض نياط القلب وقع نزوله  وأدمى المآقي دافق الدمع سافحه
وأي بلاء وامتحان وفتنة  يقارب ما قد أنفذته جرائحه
وفاة (ابن باز) شيخنا وإمامنا  وقدوتنا قد تسامت مطامحه
تكاد لها الأطواد تنهد خيفة  وتنهال من بين السحاب نواطحه
ويكسف ضوء النيرين تحسرًا  عليه ويهوي النجم مما يكافحه
إمام جليل ثاقب الرأي مرهف  حصيف رزين لا ترام سوائحه
له قدم في العلم راسخة الخطا تقاصر عن شأو له من يناطحه
فمن يوسع الطلاب علما وحكمة  ومن لعويص غامض هو شارحه
فيا ليت شعري هل درى القبر من حوى؟ وهل زاخر قد وسد اللحد ضارحه؟
فقيد بني الإسلام طرا وثلمة  وفاقرة في الدين عمت جوانحه
إذا عصفت هوجاء شر وفتنة  أضاءت سبيل السالكين قرائحه
وحق لمن ينكى ويصدم عنوة  بمثل (ابن باز) أن تشل كوابحه
وينهار من تكوينه كل ثابت  وتهتز من هول المصاب ملامحه
فيا حسرتا من ذا يسد مسده  ويغلق بابا هاهو اليوم فاتحه
لقد كان سيفا مسلطًا يتقى به  يذب عن الإسلام إن صاح صائحه
مواقفه مشهودة لبلاده وأمته كالغيث تهمي سوانحه
ففي القدس والشيشان منه شواهد  وما الصرب والأفغان إلا مسارحه
هو الغيث يهمي ليله ونهاره  نوائله دفاقة وشرائحه
فتلك يد بالعرف فاضت سخية  وأخرى لثان بالجميل تصافحه
ويحنو على المسكين في كل موطن  يواسي ويأسوا والمسيء يناصحه
وكم بائس مستضعف متلهف  أناخ به فانجاب في الحال لافحه
يغيث ذوي الحاجات من فيض بره  ويكشف عن ذي الكرب غمًا يراوحه
وكم حائر متشفع رام ركنه  فما خاب من يرجوه ممن يسامحه
فيا لعظيم الهول حل بساحنا  ويا لبلاء طبق الكون كالحه
ألمّ بنا حزن عميق مؤرق  وهول مهيل أذهلتنا نوائحه
فأنزله في أعلى الفراديس ربنا  تزاد مع المختار فيها مرابحه
وأعظم لنا أجرا وضاعف ثوابنا  وجبر مصاب أنت يا رب مانحه
وللفهد ذي الأمجاد نزجي عزاءنا  وأزكى الدعاء بالخير يهمي وصالحه[1]
  1. إمام العصر لناصر الزهراني، (691).