البدر التمام

عبدالإله بن عبدالله العوبل
غذَى جسمي من الهول السّقام وما للجرح يا ويحي التئام
ترحّل عن مضاجعنا الرقاد وقومي في مضاجعهم نيام
وغاب البدر عن عيني فقلبي تجهمه من النار اضطرام
أحقًّا ما يُقال ولستُ أدري أيرحل عنكم البدر التمام
أيا مَن تسأل الأصحابَ عنه إليك الشعر لا يُغني الكلام
فشيخٌ قد حباه الله حبًّا لكل الناس يعلوه ابتسام
لئن تلقاه تلفى ذا عطاء ومعدود إذا عُدَّ الكرام
له في البذل باعٌ ليس يخبو عليه رزانةٌ ليست تُرام
ومجلسه إذا تأتيه روضٌ من الأزهار يُدهشك الزحام
رحيمٌ في تعامله حنونٌ ويُغضي من مهابته اللئام
يُسائلني فؤادي: هل سترثي شمائلَه؟ أيُسعفك المقام؟
فقلت له: وهل يُجدي قصيدي فنظم الشعر في الشكوى حرام؟!
أيُعقل أن نرى في الليل شمسًا ويغزو الشمس في الصبح الظلام؟
وأن القوم قد ساروا لمجدٍ وطار بهم إلى المجد الحمام
وأن الشيخ مرتحلٌ فمَن لي بخلفٍ أم ترى قولي هيام؟
عفيفٌ لم يُلامس قطّ شرًّا وإن تره فقل: نعم الإمام
لعمري إن تسله تجد جوابًا لطيفًا لن ترى فيه ملام
ومفتقرًا إلى الرحمن دومًا ويذكره وذاك له وسام
بسيط في المعيشة باتِّزانٍ ولا يُلهيه في الدنيا الحطام
له بالله رابطةٌ وتقوى إليه ملاذه ذاك العصام
عن الإسلام يسأل كل حين فيسمع عن مصائبنا الجسام
ويسمع نوح أرملةٍ وثكلى وباكيةٍ على شرف يُضام
فيرفع كفَّه لله يدعو بجنح الليل والناس نيام
إلهي إنني عبدٌ ضعيفٌ لجنبك ليس لي أبدًا قوام
فعجِّل يا إلهي منك نصرًا ويمحى عن عقيدتنا الظلام
فكم لاقى عبادك من بلاءٍ وشيخ في يد الباغي يُسام
لئن نبكي الفقيدَ فقد بكينا مآثره ولو تفنى العظام
سيبكيه الكتابُ مع الصحيح وترثيه العقيدةُ والمرام
فكم من طالبٍ قد نال علمًا وينهل من معارفه العظام
فقلبي موجعٌ والدمع يجري على بدرٍ سيفقده الأنام[1]
 
  1. صحيفة الرياض، عدد (11289)، بواسطة: سيرة وحياة الشيخ ابن باز، لإبراهيم الحازمي (4/ 1595-1598).