ويبقى الخاطر العطر
سلمان بن زيد الجربوع
| مفتي الديار أم الآمال تحتضر؟! | أم القلوب التي أحييتَ تنفطر؟! |
| أم الأماسي تغفو وهي مجهشة؟! | أم المآسي وأنت الفادح النكر؟! |
| أم النجوم تبيت الليل ساهمةً | تُسائل القمر المحزون: ما الخبر؟! |
| أين المحبون؟ هل ملُّوا تناجينا؟ | أين الرؤى والهوى والشعر والسّمر؟ |
| فأطرق القمرُ المحزون وابتدرت | عيناه وازدحمت في ليله الذكر |
| وقال للنجم لما أن رآه على | جمر السؤال يُراعيه وينتظر |
| سلوا نجوم الهدى في الأرض تُخبركم | عيونها أنه قد وُوري القمر |
| مفتي الديار ثوى فالأرض باكيةٌ | إلا ثراه بدا جذلان يفتخر |
| مفتي الديار ثوى فالعلم منتحبٌ | والليل مُكتئبٌ والأفق منبهر |
| مفتي الديارر ثوى يا ويحَ مَن عبروا | على ثراه وما ثابوا ولا اعتبروا |
| تزلزل الحبُّ بالأقوام فانصدعوا | ما بين شاكٍ وباكٍ دمعه مطر |
| فكم تفجَّر في فجر الخميس هوى | كما اللَّظى فهو لا يُبقي ولا يذر |
| ما كان أهلكنا لولا تشبثنا | بربنا فبه الأحزان تندحر |
| مفتي الديار أتُرثى؟! لا وربك بل | نرثي السّلو على مثواك ينتحر |
| نرثي الدروسَ التي نوَّرتها زمنًا | نرثي التلاميذ لا وردٌ ولا صدر |
| نرثي السُّويعات لم نعبأ بها فمضت | ولم تُصبنا غيوث منك تنهمر |
| أما حياتك فهي اليوم قد بدأت | تفنى السنون ويبقى الخاطر العطر |
| ما مات مجدك فالأفضال شاهدة | ما مات علمك فهو الآي والسور |
| واليوم يكتبك التاريخُ ملحمةً | فانفذ أيا حبر واشتاقي أيا سير |
| فبعد موت الفتى تحيا مآثره | وبعد غيث مغيثٍ يعرف الأثر[1] |
- سيرة وحياة الشيخ ابن باز، لإبراهيم الحازمي (4/ 1536- 1538).