فعلى أمثال سماحته تسكب العبرات

الشيخ/ إبراهيم بن عبدالله الثميري
القاضي بمحكمة محافظة السليل
 
الحمد لله على قضائه وقدره، فقد تألم الجميع لفراق سماحة الوالد الشيخ الجليل عبدالعزيز بن عبدالله بن باز شيخنا وشيخ مشايخنا ومشايخهم، العالم الرباني العامل، إمام الفقهاء والدعاة ومحدثهم، وقدوة العصر، علامة الزمان، وشيخ المفتين والمستفتين.
وإن وفاته لمصيبة عظيمة وخطب جلل، فعلى أمثاله تسكب العبرات، فقد كان نموذجًا فريدًا عاش بيننا، وكأنه من بقية السلف، وكان بحرًا زاخرًا لا ساحل له بالعلم والحكمة والبذل والعطاء والجود، جمع - رحمه الله - بين العلم والعمل، والزهد والتقوى، والورع وحسن الخلق ورحابة الصدر، وكان - يرحمه الله - يحمل هموم الأمة صغيرهم وكبيرهم، برهم وفاجرهم، عالمهم وجاهلهم، فاستحق - رحمه الله - من الجميع الحب، وكسب قلوب الناس، وعزاؤنا جميعًا فيما تركه من إرث طيب من علم نافع، وطلبة نابهين.
وإني لأسأل الله أن يتغمده برحمته الواسعة، وأن العبد مهما عمل من عمل فهو فقير إلى الله ومحتاج إلى رحمته، وعزاؤنا أيضا إجماع الأمة وأولي الفضل منهم على فضله وعلمه وحبه وقبوله، والثناء عليه بخير ذلك، إن المؤمنين هم شهود الله في أرضه، وقد شيع جنازته خلق كثير، ركبوا البر والجو يريدون مكة، لشهود جنازته والصلاة عليه حاضرًا، وإن موت مثل هذا العالم يحدث في الإسلام ثلمة، وذلك لأن من علامات الساعة رفع العلم وقبضه، ولا ينتزع العلم من صدور الرجال، بل يقبض بقبض العلماء، فالحمد لله على ما وهب لشيخنا العلامة من حب وتقدير، وقد جاء عن رسول الله ﷺ: ان الله إذا أحب عبدًا نادى جبريل فينادي في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الارض.
أسأل الله أن يرزقنا بر الشيخ بعد مماته، وأن يوفق طلبة العلم لنشر علمه ومواصلة مسيرة العلم والدعوة، وأذكر الجميع بأن حقه علينا الآن الدعاء له، اللهم أفسح لشيخنا في قبره، ونور له فيه، وأسكنه الفردوس العلي من الجنة، واجمعنا في مستقر رحمتك، ودار كرامتك، إنه على ذلك قدير، والحمد لله رب العالمين من قبل ومن وبعد. [1]
 
  1. جريدة الجزيرة، الجمعة 6 صفر 1420هـ.