هو البحر إن رمت العلوم

محمد فهد العتيق
 
في يوم الخميس السابع والعشرين من شهر محرم 1420هـ فجعت المملكة العربية السعودية والعالم الإسلامي أجمع بوفاة سماحة الشيخ الجليل العالم الزاهد التقي الورع عبدالعزيز بن عبدالله بن باز فامتلأت جوانحنا بالأسى وعيوننا بالدموع..
ولكن لا اعتراض على قضاء الله وقدره، وكُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ، وكُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ  ۝ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ والَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ!!
بت في ظلمة اللحد لكن أنت لازلت في القلوب مقيما
لقد كان - رحمه الله - ورعا تقيا متواضعا بعيدا عن زخارف الدنيا وزينتها، ومع ذلك فهو من أكرم الناس وأسخاهم.
ولو أن ما في كفه غير نفسه لجاد بها فليتق الله سائله
ودائما أبواب منزله مفتوحة ليل نهار، وحتى يومي الخميس والجمعة، وكان يقول - رحمه الله - لأبنائه وموظفيه وحراسه لا تردون أحدا يأتي إلينا.
ومن مزاياه الحميدة حبه للعلم والعلماء والفقراء والمساكين لا يمل في مجالستهم والتحدث اليهم وكان - رحمه الله - واسع الاطلاع متبحرا في العلوم الشرعية، ضليعا في علوم اللغة من بلاغة وصرف ونحو، ويرد على من يخطئ في شيء من ذلك بلطف وتواضع، ويقول له: تأمل!!
ومن مزاياه الحميدة التي عرف بها التمسك بالعقيدة الإسلامية الصحيحة والذب عن الإسلام والمسلمين ومحاربة البدع والخرافات والمنكرات التي يمارسها بعض المنتمين إلى الإسلام؛ فأدى خدمة كبرى للإسلام والمسلمين.
هو البحر إن رمت العلوم وبحثها سوى أنه للبحر يوجد ساحل
إذا ما أتاه السائلون فعنده جواب من التحقيق شاف ونائل
لقد جد في علم الشريعة ناصبا إلا أنه بالجزم للحق نائل
وكان مخفوض الجناح تواضعا بأحرف علم هن فيه عوامل
سقى روحه الرحمن هطال رحمة وعم الرضا من غيَّبته الجنادل
فلو كان سهم الموت يخطئ واحدا لعاش الهداة الأكرمون الأفاضل
ولكنه حكم من الله نافذ وخطب عميم للبرية شامل
رحم الله شيخنا رحمة الأبرار، وأسكنه فسيح جناته، إنه سميع مجيب، وأرجو من الله أن يلهمنا الصبر، وإنا الله وإنا إليه راجعون. [1]
 
  1. جريدة الجزيرة، الجمعة 6 صفر 1420هـ.