الشيخ عطية سالم

قال فضيلة الشيخ عطية محمد سالم، أحد تلاميذ الشيخ ابن باز والقاضي السابق بالمحكمة الشرعية والمدرس السابق بالمسجد النبوي - رحمه الله:
"لقد فقدتُ أبي بفقد هذا العالم الجليل، وفقدتُ أستاذًا أفخر وأعتزّ بتتلمذي على يديه، وفقد عالمنا الإسلامي دعامةً قويةً من دعائم الدعوة والإرشاد والإفتاء والعلم، وركنًا من الأركان القوية في التعليم الديني.
لقد كان سماحة العلامة الوالد الشيخ عبدالعزيز بن باز رجل علم، وكان إنسانًا قويًّا، ثاقب الرأي، عميق الرؤية، بعيد النظر، قويًّا في الحق، رحيمًا، رفيقًا، رقيقًا في المواقف التي تستحق الرحمة، وكان حليمًا، ولكنه يشتد غضبه إذا تجاوز أحد حدًّا من حدود الله، وأساء إلى الدين الإسلامي الحنيف بقصدٍ". [1]
وقال أيضًا: "هذا الشخص ليس كغيره، فالشيخ عبدالعزيز بن باز يُعطي عطاءً وافرًا في العلم والمال وحُسن الخلق والمساعدة، فكان يعيش لغيره أكثر مما يعيش لنفسه، وقد هزَّ حدثُ وفاته العالم الإسلامي؛ لأنه كان ذا صلةٍ وثيقةٍ بهذا العالم في مسيرته الحياتية، سواء الشخصية أم الاعتبارية المعنوية، ففي شخصيته مكارم الأخلاق، والمروءة، والسماحة، وبذل الجهد لكلٍّ فيما يستطيعه، بل ما لم يكن يستطيعه كان يبذل جاهه عند الآخرين لتيسير حاجاتهم.
كان الشيخ ابن باز رجلًا عالميًّا، ولو أن أصحاب الجوائز العامة - كنوبل وغيره - يُقدرون النواحي العلمية الدينية لكان هو على القمة وفي الأوائل.
سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز كان كما يُقال: أمة، أي أمة! في ذاته وتصرفاته وأعماله ومقاصده وإنتاجه، فكما ذكرت الأسئلة كان رئيسًا لعدة جهات، كل جهة تحتاج رئاسةً مستقلةً، وكانت تمشي تحت رئاسته بكل نظام، وبكل احترام، وبكل توفيق.
أما لماذا أحبَّ الناسُ ابنَ باز إلى هذا الحد: فقد يُجيب عن هذا ما قاله أحد العلماء حينما ذكر أن أسباب المحبة أربعة: جلب نفع، ودفع ضر، وحسن خلقة، وحسن خلق.
فأما جلب النفع: فكان متوفرًا في الشيخ ابن باز أكثر من غيره إلى حدٍّ بعيدٍ؛ لأنه ما قصده إنسانٌ في سعيه إلى خيرٍ يحصله إلا وجد عنده المساعدة في شخصه، أو بواسطته، وكذلك دفع الشر في شفاعته.
أما حسن الخلق: فهو - كما نرى - إنسان سوي، كريم الأخلاق، واسع الصدر، حليم، وحسن الخلقة بقدر ما نتحدث عنه فلن نستوعب كمال هذا الحسن في هذا الخلق.
ومن طول معاشرتي إياه لم أسمع منه لفظًا نابيًّا، ولم أرَ وجه ابن باز يومًا عابسًا، ولم أره حَنِقًا، إنما هو مثال الهدوء، ومثال الحلم والتروي والإحسان إلى الغير، ومدّ يد المساعدة، وكل ما يدخل في تصانيف مكارم الأخلاق كنت تجده في هذا الرجل". [2]
 
  1. سيرة وحياة الشيخ ابن باز، لإبراهيم الحازمي (475/1).
  2. مجلة اليمامة، عدد (1557)، بواسطة: رثاء الأنام لفقيد الإسلام، لإبراهيم المحمود (72،71).