قال الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي:
«لقد كان الشيخ عبدالعزيز بن باز في عصره إمامًا جدد في نفوس كثير من العلماء والدعاة الكثير من القضايا التي جددها أسلافه من أهل العلم، وبخاصة ما قام به الإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - في العصر الحديث، وفي جزيرة العرب على وجه الخصوص.
وكان سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - حريصًا كل الحرص على اتباع الكتاب والسنة، وبخاصة في قضايا المعتقد، توحيدًا لله سبحانه في ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله وعبادته، والدًا لطلاب العلم، وبخاصة منهم أهل الحاجة والغرباء، بابه مفتوح، ونفسه مفتوحة، متواضعًا، محبًّا للخير، باذلًا له، حريصًا على المؤمنين، كبارًا وصغارًا، مدركًا لأهمية هذه البلاد وموقعها المتميز في نشر الإسلام والدعوة إليه، ومثنيًا في كل مناسبة على ما يقوم به ولاة الأمر فيها من عمل صالح، وبذل مستمر في إنشاء المساجد، وطبع الكتب، وتعليم الناس الخير، وعون المسلمين في كل مكان، وقبل ذلك وأهم منه حرصهم على تنفيذ أوامر الله وتطبيق شرعه.
مواقفه - رحمه الله - مشهودة في الذود عن الدين وأهله، وعن المملكة وأهدافها، وما قامت من أجله، نصرًا للدين، ودعوة لتوحيد الله، وإخلاص العبادة له.
عرفتُ سماحته منذ خمسة وأربعين عامًا، تتلمذت عليه، واستفدتُ من نصحه وتوجيهه، وقويت صلتي به عندما توليت إدارة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، فكان - رحمه الله - حريصًا على الجامعة ورجالها، يسأل عنها وعن مشروعاتها، ويحضر مناسباتها، وقلَّ أن يُعقد مؤتمر وندوة فيها إلا وهو في مقدمة الحاضرين والموجّهين.
وبعد انتقالي منها إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد كان شديد الصلة بالدعوة والدعاة، يسأل عنهم ويُعينهم، ويسعى لحل مشكلاتهم، يهتم بالمساجد والأئمة والجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن.
ولا أذكر أني طلبتُ منه رأيًا أو عونًا أو إسهامًا في مجال خيرٍ ينفع الناس ويُسهم في ربطهم بالكتاب والسنة إلا وكان مستجيبًا بما يستطيع، ناصحًا، مخلصًا، فجزاه الله أحسن الجزاء، وأكرمه لقاء ما قام به في سبيل الإسلام والمسلمين".