الشيخ عبدالله بن محمد آل الشيخ

قال الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد آل الشيخ - رئيس مجلس الشورى ووزير العدل السابق:
"لقد فجعت الأمة الإسلامية بأسرها بوفاة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء، ورئيس إدارة البحوث العلمية والإفتاء.
وما من شكٍّ أن مُصاب الأمة في سماحته جلل، وخطبها عظيم، غير أننا لا نملك إلا أن نمتثل بهدي رسول الله ﷺ ونقول: اللهم أجرنا في مصيبتنا، واخلفنا خيرًا منه.
وإننا بفقد سماحته نفقد ما كان سماحته عليه من لين الجانب، وبساطة المعيشة، وحب الخير، والنصح والتّفاني في قضاء حاجات المسلمين، والبشاشة فيمَن يرد إليه، وحرصه على أحوال المسلمين، وتلمسه لمشكلاتهم، والسعي إلى إعانتهم، فضلًا عما وهبه الله من علمٍ ورأي سديد.
لقد كان سماحته على قدرٍ كبيرٍ من فهم مقاصد الشريعة وأهدافها، والفهم الحقيقي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونشر العلم، وتقدير وفهم مسؤولية الدولة.
وكان في هذا كله مرجعًا للجميع من الكبار والصغار، والعلماء وعامّة المسلمين، وكان لكل هؤلاء الرجل الذي يبذل جلَّ وقته لقضاء حوائج الناس، وإرشادهم، حتى أصبح مثلًا أعلى، وقدوةً حسنةً للجميع، العالم والعامي، الكبير والصغير، الرئيس والمرؤوس، مجمع عليه إجماعًا لا يقبل الشك، ولا الاختلاف، فكان بذلك نادرة زمانه، وعالم عصره، وإمام وقته.
إن فقد الأمة لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز ليس فقد شخصٍ أو فقد غالٍ على النفوس، أو فقد عالم من علماء الأمة فحسب، بل هو فقد ركن عظيم طالما استندت عليه هذه الأمة بما طُبعت عليه من تحكيم شرع الله، وحفظ مكانة العلماء، ومعرفة منزلتهم، وتعظيم قدرهم، والأخذ بمشورتهم.
ولقد كان سماحته في قمة هؤلاء العلماء، ورأسًا لتلك الكوكبة المضيئة من مصابيح الأمة، وقدوة حسنة لهذا الجيل النابه من المشايخ والعلماء وطلبة العلم، نهلوا من علمه الغزير، واقتدوا بسيرته العطرة، وتتلمذوا على يديه، فكان نعم العالم، وكانوا نعم طلبة العلم.
أسأل الله أن يجعل ما قدَّمه سماحته للإسلام والمسلمين في موازين حسناته، وأن يجزل له الأجر والمثوبة، وأن يجعله في أعلى درجات الجنة، كما أسأله أن يجعل فيمَن خلفه الخير والصلاح والنفع والرّشاد". [1]
 
  1. إمام العصر، لناصر الزهراني (268-269)، رثاء الأنام لفقيد الإسلام، لإبراهيم المحمود (27،26).