الرحيل المر

موسى محمد هجاد الزهراني
خطب دهى القلب حتى استعبر القلم تكاد منه ظهور الخلق تنقصم
واستعجم النطق حتى ما كان دمي دمي: ولا أن هذا القلب فيه دم
غروب شمسك يا (بن الباز) أورثنا في القلب حسرة عمر ملؤها الظلم
وشل فكري حتى ما كان به سوى محياك فيه الظهر والشيم
أبكيك والدمعة الحرى على كبدي يا لوعة في فؤاد الابن تضطرم
نحن اليتامى فمن يأتي ليكفلنا من يمسح الرأس من يحنو ويبتسم
لقد فطمنا ولم تروض ضمائرنا من علمك الجم يا من طبعه الكرم
يبكيك من لذ في أذنيه قولكم أما أولوا الفسق في آذانهم سمم
ويستضيء بعلم منك أهل تقى أما أولوا الجهل في أبصارهم ظلم
قد كنت يا والدي سدا لشرعتنا سرب الشياطين إن جاءته تصطدم
قد كنت طوداً عظيماً شامخ الهام طوبى لطود ذراه العلم والشمم
أحيا بك الله أمواتا نشاهدهم بين الأنام رموا الأكفان واغتنموا
علومكم بينهم حتى كأنهم من باطن الأرض والأجداث قد سلمونا
قد كنت يا والدي بحراً وأعجب ما فيه العذوبة فيه الدر منتظم
رحلت يا والدي نحو الألى سبقوا كأنهم أنت!؛ ما ضلوا وما كتموا
أفنيت عمرك يا (ابن باز) في شغل لراحة الناس حتى هدك الهرم
وكنت تعطيهم جودًا وفيض سخي من راحتيك حياة الروح لو علموا
وكنت تبني صروحًا ليس تنهدم في حين غيرك للأخلاق قد هدموا
رحماك يا ربنا مما يراد بنا فهذه فتن الأيام تحتدم
مات (ابن باز) فهل ماتت ضمائرنا من بعده؟ أم إلى التوحيد نحتكم؟
يا والدي مت في وقت تذوب به معالم الخير .. هذا الهم واليتم
ولا اعتراض على أقدار خالقنا سبحان ربي فمنه الحُكُم والحكَم
لكن قلبي يبدو خائفًا وجلا من حادثات بها لا ينفع الندم
ما بالنا أصبحت تترى مصائبنا؟ ونحن أغفل ما كنت ونبتسم
وتنقض الأرض من أطرافها أمم ماتوا فأنى لهذا الجرح يلتئم
هم أنجم مذ فقدنا ضوءها شمتت بنا الأعادي وشقت ثوبها القيم
للسائرين هدى كانت تؤانسهم والركب تسموا بهم في دربهم همم
وللشياطين من جن ومن بشر كانت رجومًا كأن الشهب تنتقم
وزينة للسما الدنيا تزينها يا حسنها إذ تجلت وانجلى الظلم
يا رب أنت الإله الحق راحمنا اربط على قلب من يعدو به الألم
وارحم إمام الهدى (ابن الباز) عبدكم يا من تقدست منك الخير والكرم[1]
  1. سيرة وحياة الشيخ العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز لإبراهيم الحازمي، (4/ 1908).