باز سما
للشاعر محمد بن فهد حمين الفهد
خطب دهى فأثار الهم والألما | جون ولكنه قد بيض اللمما |
خطب كسى مشرق الدنيا ومغربها | غما وهما فأبقى الجو مضطرما |
تعلوه كدرة الأحزان أغطية | لو تشرق الشمس لم تخرق له ظلما |
فقدت فيه فؤادا كنت أنت أذخره | لمد لهم من الأحداث إن هجما |
إذ كان قلبي ليثاً لا يفزعه | كرب ألم وأما اليوم فانهزما |
إمام خطب أبي العزم بادرني | بحربة أوقدت في جسمي السقما |
لولا اشتعال فؤادي في جوانحه | لظل دهرًا طويلا يقذف الحمما |
ها إنها صعقة للقلب لو نزلت | يومًا على صفتي ثهلان لانهدما |
لما تواترت الأنباء عن نفر | تروي بأن حسام الدين قد ثلما |
شج الأنام معين الدمع من مقل | ما إن همى ماؤها حتى استحال دما |
كأنما الأرض من أطرافها وترت | لفقده فانبرت تستصرخ الأمما |
باز سما فوق هام المجد سؤدده | فما استكان إلى أن صافح القمما |
ففرغه في ذرى الجوزاء مقترن | وأصله في رياض الصالحين نما |
من للمسائل يفريها بفطنته | من للمنابر يزجي فوقها الحكما |
من لليتامى كريم يدرئون به | أيدي الزمان إذا ما ألقت العدما |
من للثكالى فتى يستصرخون به | في وجه كل ملم ينكأ الألما |
من للمتون التي باتت مولولة | تنعي بعين الأسى حبرًا بها علما |
تنعى التقى والحجا والعلم قاطبة | والبشر واللطف والأخلاق والكرما |
سل القضاء الذي آخاه عن كثب | هل كان يومًا على الأحكام متهما |
يجبك أن رسول الله قدوته | هديًا وسمتًا وأحكاما إذا حكما |
إذا نظرت إلى لألآء غرته | لمحت في طيها الإيمان والشمما |
حبر العلوم إذا ما لج مبتدع | رد اللجوج على الأعقاب منهزما |
وإن تمادى غوي في غوايته | رماه صائب الأخلاق فاصطلما |
قد شارك الناس طرا في قلوبهم | فإن أردت دليلًا فاسأل الحرما |
لما تقدم جمع البيت خادمه | يقضون حق إمام ودع الساما |
تسعون عاما تولت غير واحدة | رفعت فيها لواء الدين مدعما |
فإن خبت نار عزم زدتها لهبا | وإن ونت همة أتبتها همما |
جزمت الصعاب بسعي غير متئد | حتى أتيت لركن المجد مستلما |
بك النصائح بين الناس آخذة | عرى القلوب أقامت بينها رحما |
قد كانت تخرم وجه الجهل مبتدرًا | بسيف علم من التضليل قد سلما |
ولم تزل دائبًا في الله محتسبا | حتى أتاك رسول الموت مخترما |
جزاك ربك عنا خير مغفرة | شؤبوب عفو يزل الذنب إن عظما |
فقد بذلت لنا نصحًا وموعظة | فإن سألنا لك الغفران لا جرما[1] |
- إمام العصر لناصر بن مسفر الزهراني، (657).