ثلمة الدين

للدكتور صالح بن حمود التويجري
خطب ألم فأورى النار في كبدي وأغمد الصارم المسلول في جسدي
حلَّت بساحتنا دهياء داهية نلوذ من هولها بالخالق الصمد
مصيبة حزبت بالمسلمين فكم هوت بها في صروح العلم من عمد
شمس الشريعة لم يؤذن بمطلعها فيممت نحو باب الواحد الأحد
وأظلمت دارة الإفتاء إذ فقدت إمامها وغدت تشكو من الرمد
أعظم بها ثلمة في الدين قد وقعت في القلب آثارها كالطعن بالوتد
والناس إذ سمعوا حيرى قد امتقعت وجوههم لمقال شاع في البلد
وأسلموا لقضاء لا مردَّ له مثل الأسير إذا ما شُدَّ بالمسد
لو افتدى أحد من قبلنا أحدًا فديت بالمال والأولاد والحفد
بذلت في الأمر بالمعروف جهدك لم تدار فيه ولم تجهل على أحد
ولم تدع منكرًا إلا سعيت إلى إزهاقه بجنان غير مرتعد
ليث إذا بدرت للشر بادرة أو حام حول الحمى ذو السوء والحرد
تقض مضجعه آلام أمته فصار منها حليف الحزن والسهد
سعت له متع الدنيا فقابلها بالزهد فيها ولم يركن إلى أحد
تهفو إليه قلوب المسلمين كما تهوي طيور الفلا في القيظ للثمد
وما رأى الناس مثل الشيخ في أدب وما رأوا مثله في الصبر والجلد
يلقى مجالسه بالبِشر قد وسعت أخلاقه مظهرًا للحقد والحسد
ريف الأرامل والأيتام يكفلهم كفالة الوالد الحاني على الولد
ترى المساكين في أكنافه نزلوا فحققوا عنده الآمال بالرغد
آلان جانبه للناس فاتجهت له قلوب الورى للعون والمدد
ودعمه لدعاة الحق ليس له حد فأعظم به في الخير من عضد
بثَّ الدعاة في الأرض مجتمع إلا مضت ثلة تدعو إلى الرشد
تبقى فتاواه نبراسًا يضيء لنا ويذهب الله بالغثاء والزبد
قلوبنا أشربت حبَّا له فغدا فراقه كفراق الروح للجسد
يا رب فاختم له الدنيا بمغفرة واغسل جنازته بالثلج والبرد
وافسح له قبره واجعل له نزلًا مع النبيين في الجنات للأبد[1]
  1. جريدة الرياض: العدد (11290)، نقلًا عن: كتاب الإنجاز في ترجمة ابن باز لعبد الرحمن بن يوسف الرحمه، (488).