حروف ودموع

للشاعر حسين صديق حكمي
وافى النعي فأشجانا وأبكانا حزنا وأوقد في الأحشاء نيرانا
ومد سلطانه باعا ليقهرنا واختار أثقلنا في الخير ميزانا
في كل يوم رأيت الموت يسلبنا ليثا ويترك للأحداث غزلانا
أحببته قبل أن أحظى برؤيته (والأذن تعشق قبل العين أحيانا)
عبد العزيز بن باز طال نائله بنانه لم يزل بالجود ملآنا
أتى عليه الذي يأتي على بشر وليس يترك شخصاً عز أو هانا
أتى عليه الردى إذ ليس يحجبه مكرم كان من دنياه ما كانا
لم يلفه وهو هياب لروعته فقد أعد له زادا وإيمانا
وهل يهاب الردى من عاش محتقرا لزخرف ظل فيه الناس طغيانا
من كان للمال موتا كيف يفجؤه موت وقد عاش جل الدهر جوعانا
ما الروع إلا لمشغوف (بفلته) وقصره والذي يدعوه بستانا
أما الذي عاش سلطانا بعفته هيهات يملك منه الروع سلطانا
هذا المسجى بثوب الموت وا أسفا هو الذي بثياب الطهر سجانا
هذا الأسير بكف الموت وا أسفا هو الذي فك يوم الروع أسرانا
هذا الصموت فلا حرف ولا لغة هو الذي كان يتلو الأمس قرآنا
سلو أبا فيصل عن صدق لهجته لو كان يملك فهد العرب سلوانا
سلو أبا فيصل عن حسن سيرته فإنه الخير إسرارا وإعلانا
كان النجي له دهرا فإن عصفت قاد السفينة وسط الموج ربانا
فلا تلوموا جريحا إثره فلقد جل المصاب وبعد الصبر أعيانا
ما خصنا الخطب بل عم البلاد ضحى وبلل الدمع أوطانا وأجفانا
من المحيط إلى سفح الخليج إلى درب النجاة إلى أقصى خراسانا
راحت تشيعه الأرواح باكية لكن رضوان قد لاقاه جذلانا
كذلك نحسبه في جنة وسعت عرض السماوات يلقى الأنس ألوانا
لا داء يقربه لا همّ لا نصب طابت نعيما وكافورا وريحانا
يا رب أسكنه دارا في جوارك لا يزال يلقى بها حورا وولدانا[1]
  1. إمام العصر لناصر بن مسفر الزهراني، (501).