نم أيها الباز

للشاعر زكي بن صالح الحريول
لكل قلب إذا ما حب أسرار  وكل حب لغير الله ينهار
هم الرجال إذا ما جئت تمدحهم  سمت على الحرف تيجان وأزهار
وإن تواروا بترب الأرض واأسفي  سالت من الجفن شطآن وأنهار
بالله يا قوم أخفوا اليوم خطبكم  أليس للمواق المفجوع أنظار؟
حقًا أيا قوم غاب اليوم سيدكم وأصبح العلم لا أهل ولا دار؟
يا أيها الشيخ جمر البين يحرقني وفي دمي من هجير البعد إعصار
والكون كهف يكاد اليوم يخنقني  والأرض في مقلة المحزون أشبار
للحب سر أجل! ما زلت أجهله  وكم سواي بسر الحب قد حاروا
أين العلوم التي كم كنت تمنحها  والناس من حولكم سمع وأبصار؟
أين الوفود التي حطت ركائبها  ببحر جودك يهوي الخل والجار؟
حتى الطيور التي ضاق الفضاء بها  لها بمسكنكم عش وأوكار!
وهبتها عمرك الميمون يا سندي  وصحت: تلك سنين العمر فاختاروا
وإن أتاك يتيم يوم مسغبة  فالقلب والعين والكفان إيثار
وإن شكت أمتي في يوم مظلمة  أحيل ذا الحلم حزم كله ثار!
إذا رأته بنور العلم متشحًا  جحافل الجهل كالبنيان تنهار
لولا العقيدة ما احمرت صحائفه  فقلبه لذيول العفو جرار
يا أيها الليل قل لي عن مناقبه  أليس في الليل للعباد أسرار؟
حمر محاجره بيض مدامعه  وفي الشفاه تراتيل وأذكار
ما أحزن القوم والأكتاف تحمله  تبكي عليه وحكم الله أقدار
يا مهبط الوحي صوني قبره فله  بين الضلوع مصابيح وآثار
نم .. أيها الشيخ لن تنساك مهجتنا  ما غردت في ربوع البيت أطيار
نم .. أيها الشيخ لن تنساك مهجتنا  ما دام في الأرض للإيمان أنصار
نم .. أيها الشيخ لن تنساك مهجتنا  ما دام في القلب دقات وأعمار
فإن قبرنا فَعَلَّ الله يجمعنا فإنما الدهر إقبال وإدبار[1]
  1. إمام العصر لناصر الزهراني، (516).