واطول صبري
للشيخ محمد بن عبدالرحمن المقرن
أين حادي الهوى؟! وأين الدليل؟ | ولدور الحسان أين السبيل؟ |
سرت من لهفتي وشوقي إليها | كاهل مثقل ودروب طويل |
أنا ما بين دمعتي وفؤادي | ذاك مستبشر وهذي تسيل |
أنا يا قوم عاشق، وشهودي | في الهوى أدمعي وقلبي القتيل |
لاتلوموا فؤادي اليوم إن الـ | بوح في حبها جميل جميل |
لو رأيتم جمالها حين تعلو | هامة الحسن والخطى إذ تميل |
لكرهتم نسائكم من هواها | ولجد السرى لها والرحيل |
أتراني أمس بالكف يوما | كتفيها ما بيننا من يحول؟ |
أتراني أضم صدرا يريني | خلقه الكف كيف كنت تجول؟ |
أتراني مقبلا من خدود الـ | حسن ما يستلذ منه الحليل؟ |
أحرق الشوق يا عروب فؤادي | وتحيرت فيك ماذا أقول؟ |
بالبكر تلذ منها وتقضي | معها ما تشاء وهي البتول |
أي قلب حملته في هواها | أي شوق بمهجتي يستطيل |
كنت منذ الصبا أمني فؤادي | وأمامي غر الجياد تصول |
قد حكى لي الزمان عن إلف قومي | عن دم العاشقين حين يسيل |
زوج الحور أيها القوم قوم | عرفوا ربهم فهان السبيل |
دفعوا مهرها وكان مقيل الـ | خلد عقباهم فنعم المقيل |
سل عن الحور مصعبا حين أعطى | مهرها روحه وما لا يميل |
سل عن الحور خالدا عندما ما | ل من الطعن سيفه المسلول |
سل عن الحور أنفسا قد رعاها | في حمى الله بالجهاد الرسول |
مهرها باهظ ومن يخطب الحسناء | يدني بمهرها ما يطول |
شيخنا تلك أحرفي شاكيات | قلبها الفذ والأماني فلول |
شيخنا يا " ابن باز " اعذر حروفي | إن قلبي بحبهن قتيل |
ذاك صنع الهوى فواطول صبري | كاهل مثقل وجسم نحيل |
كم تمنيت أن أخر شهيدا | أبصر الجرح بالدماء يسيل |
عل عينا ترى مناها وتلقى | في خدود الحسان ما لا يزول |
جنة عرضها السماوات والأر | ض ورزق عن أهله لا يحول |
شيخنا جئتكم وأثواب قومي | رقع والقوام غض هزيل |
عرف القوم كيف نحصي الضحايا | كيف يرمى على القتيل القتيل |
ونسينا شكل السلاح فعذرا | إن حفر القبور شغل ثقيل |
نحن والله إن عددنا كثير | بيد أنا إذا دعينا قليل |
ليس ما قد نقول يأسا ولكن | يأسنا أن نخاف ما نقول؟! |
نصرنا حين ننصر الله صدقا | في لقاء له تدو الطبول |
أدمع الشيخ واحتقان الصبايا | علقم القهر والعذاب الوبيل |
دولة للزمان دالت وبشرى | القوم أن الزمن دوما يدول |
في صراع الحياة نمضي أباة | حسبنا ربنا ونعم الوكيل |
إن بدا مفجع الزمان عجوزا | فببطبن العجوز طفل جميل |
شيخنا يا سواد عيني عذرا | ذا لهيب الأسى وقلبي الفتيل |
لوعة في فمي وشوق بصدري | وفؤادي بحبه متبول |
ما كتبت القصيد أغلو بمدحي | أنت أعلى والله مما أقول |
أو يغني القصيد عن ركب علم | دربه النور والكف الدليل |
أو يغني القصيد عنك معاذ الله | إن القصيد منك خجول |
أظلمت عينكم وفي القلب صبح | من سنا الله مشرق وظليل |
سرت ما لم يسره ألف بصير | وتجاوزت ما علينا يطول |
أنت بدر الدجى وأنس الليالي | أنت شمس الضحى وأنت الأصيل |
رفع الله قدركم ولأهل الـ | علم قدر لمن رعاه جزيل |
أنت حبر . . بحر . . ورحب . وربح | كيف قلبتها إليك تؤل |
لست أعمى فنحن خلفك نمضي | وبنور الفؤاد أنت الدليل |
أنت كف الندى وتاج المعالي | أنت للمكرمات أنت السليل |
أنت والله مسبل، بثياب الـ | جود حل ثيابها إذ تطول |
ترقص الأرض إن مشيت عليها | ويفوح العبير قمما تقول |
أبلغ القول من ثنائي جزاك | الله خيرا كذا يقول الرسول |
شيخنا لم أوفك اليوم حقا | إنني بالذي كتبت بخيل |
أنت إن أجدب الزمان ربيع | وإذا غص غصه سلسبيل |
أنا لله قد نذرت حروفي | وعلى الله مقصدي والسبيل |
أنا لا أكتب القصيد نفاقا | إنني إن فعلت ذا لذليل |
قل لمن سابقوا الهوى شعراء | يبتغون العطاء بئس العقول |
أنا لا أكتب القصيد ارتزاقا | إن كسبي من القصيد غلول |
أستقل الخيول شعرا وما لي | إن أقلت أخا الهوان العجول |
أنف شعري فوق الأنوف أشم | وبشم الأنوف تعلو الفحول[1] |
- سيرة وحياة الشيخ العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز لإبراهيم الحازمي، (4/1850).