وبل الحجاز على ضريح الفقيد ابن باز
لفضيلة الشيخ سعود بن إبراهيم الشريم
جل المصاب وزاد همي الخبر | حل المشيب بنا والغم والسهر |
شل القلوب أسى والبين مثلمة | والأرض مظلمة يجتاحها قتر |
يمضي الزمان على هم أقلبه | لو صب في جبل لصدع الحجر |
تجري السنون ولا شهر نسائله | مضى محرمها وقد بدا صفر |
أيامها دهر وليلها سنة | لم يحيني طرب فيها ولا سمر |
عفا الإمام ولم تخبو مآثره | عبد العزيز وهل يخفى لنا القمر؟! |
شيخ العلوم أبو الأشياخ مجتهد | فذّ أريب نجيب وصفه درر |
قطب الحديث وطود يا أخا ثقة | طب القلوب له قدر ومعتبر |
ندُّ الزمان ولا مين يكذبني | في الحاضرين ولا ما ادعي هذر |
لم يثنه ملل عن كل مكرمة | يدعو بها وكذا لم يثنه كبر |
من كان فيه هوى يشنا به علما | فهو الصفيق وفي إيمانه نظر |
إني لفي كمد، إني لفي وجل | الشوق مضطرم والحزن يستعر |
هل من دليل إلى شيخ يشاكله | أو من قريب له يبدو لنا الخبر؟ |
رباه يا أملي قد هدّني حزن | وضمني قلق واشتد بي ضجر |
جسمي لمرتعش والنفس مكلمة | والقلب منه دمي يرغي ويعتصر |
البال منكسف والحال منهكة | والدمع منحدر والنفس تنفطر |
إني لفي عجب من حبه ثمل | لو بحت عنه هنا لاستنكر البشر |
واها لطلعته واها لبسمته | فبحره غدق ووجهه قمر |
أوقاته سند يدليه في ثقة | يروي الحديث ولا يعلو ويفتخر |
إن جئت مشتكيا أرضاك في عجل | أو جئت ملتمسا عونا فمقتدر |
شجاع أمتنا وصدقه علم | النصح مذهبه لا الجبن والخور |
أما النحيب إذا خاف الإله فذا | لزيم هيئته وهكذا سبروا |
كم قالها حكما كم قالها عبرا | كم قالها ووعى ذا الفرد والأسر |
ما عاب ملتزما ما اغتاب منحرفا | تبرى سريرته وما به وحر |
كم كان مطلعه والقلب في فرح | قد غاب مشرقه في الجنة النظر |
من للبخاري إذا طل الصباح ومن | يفري الصحيح إذا شيخ الورى قبروا |
من للبلوغ وللأوطار منفرد | لله ما ذهبت أيامها هدر |
من للفتاوى إذا ما غاب عالمها | من للقرآن إذا ما أشكل السور |
من للغيور إذا تمضي متارسه | من للدعاة كذا للحق ينتصر |
يا طائرا فرحا في الجو مفترشا | بلغ مقالة من بالخطب يحتضر |
بلغ مقالة من بالفال مكتنف | جفت مدامعه أو كاد ينفجر |
لا بد من أمل في الله مرتقب | فعهده بلج ووعده سحر |
إني على ثقة أن ينجلي خلف | إني لمرتقب للصبح ينتشر |
لله كم ترح يمضي وكم فرح | يأتي وكم سعد يتلوهما كدر |
إن العزاء لنا إيمان من علموا | أن الإله قضى والنافذ القدر |
إن الحياة لنا ممر معترك | فساقط بشر وسالم نفر |
كم عالم سلبت نفسا له غير | كم هالك كمدا بالحزن قد غبروا |
رب العباد ألا فاجعل منازله | علو الجنان له قصر به نهر |
واجعل مقاعده تروي مراقده | ومد ملحده فيما حوى البصر |
إن العزاء لبيت الباز في علم | عوضتموا خلفا والله فاصطبروا |
وفي الختام خذوا من حرقتي مثلا | يمضي الكتاب فلا يبقى ولا يذر |
لو كان من أحد ينجو على حذر | من موتها لنجا عدنان أو مضر |
لكنه أجل لا بد مكتمل | يصلاه مخترم خباب أو عمر |
لا تركنن إلى الأسباب معتمدا | فالاعتماد على الأسباب محتقر |
تأتي المنون على أرواحنا غير | والنفس ذائقة للموت يا بشر |
ثيابها كفن وطيبها حنط | وضوءها غسق وبيتها حفر |
إما إلى سعة في القبر بادية | أو في ثرى حفر ميعادها سقر |
لله كم ملك بالسؤل مؤتمر | لله كم ملك أعمالنا خبروا |
من منكر ونكير ما لنا هرب | عما يراد لنا كلا ولا وزر |
للنار مؤتمن فمالك حرس | وللجنان يرى رضوان يأتمر |
رباه إن لنا في عفوكم أملا | ما خاب ملتمس والذنب يغتفر |
أنت الملاذ لنا من كل حادثة | أنت العياذ لنا من كل من حقروا |
ثم الصلاة على المختار سيدنا | ما طاف معتمر أو حج مفتقر[1] |
- إمام العصر لناصر الزهراني، (525- 528).