وداعًا يا مفتي الأمة ويا عالم الملّة
للدكتور عبدالله بن محمد الحميد
| جبل هوى فتكدر الأخيار | وبكت عليه مساجد وديار |
| وخبت نجوم من تحقق موته | والحزن عم وغابت الأقمار |
| ذاكم هو البازيُّ عالم أمة | عبد العزيز وشيخنا المغوار |
| حم القضاء وكل حي هالك | إلا الإله الواحد القهار |
| لابد يومًا أن نوسد في الثرى | فالموت كأس للأنام تدار |
| كم قد طوى من ذي الخلائق قبلنا | فهل اتعظنا، أو أفاد فرار؟! |
| فازدد أخي بصالح تلقى به | رب البرية إن ألمَّ بوار |
| ولقد بكينا الشيخ ماء شؤوننا | لو كان يفدى أُسديت أعمار |
| وأصابنا الحزن العميق لفقده | وعلا النشيج ودمعنا مدرار |
| لكنما الصبر الجميل على القضا | نعم العزاء فإنها الأقدار |
| لله درك كم ألنت قلوبنا | وعلا بفضلك للعلوم منار |
| حتى أحبتك القلوب لفضلكم | ولشخصك الإعجاب والإكبار |
| وأقمت بالنور المبين دربه | درسًا لفقه نفعه سيار |
| ووعظت بالذكر القويم بحكمة | ومع التواضع تشرق الأسرار |
| وسخوت بالمال الكثير لمدقع | ولأرمل قد هدها الإعسار |
| وبذلت جاهك في شفاعة مخلص | لتفك كربًا شأنه الإضرار |
| وإذا أصخت لسائل أشبعته | سيماك زهد نادر ووقار |
| وإذا ادلهم الخطب في لجج الدُجى | وطغت بنا الأزمات والأخطار |
| كنت المرجى بعد قدرة ربنا | في كشفها إذ زاغت الأبصار |
| فأشرت بالرأي السديد بحكمة | تشفي القلوب ودأبك استغفار |
| لم تثقل التسعون عامًا عشتها | عزمًا تزول بصفوه الأكدار |
| بل قد نصرت عرى الشريعة كلما | لج الخصوم فأبهْت الأغرار |
| وطفقت تدعو للصلاح وللتقى | والله تخشى واليقين دثار |
| لم تأل جهدًا في إفادة أمة | ما لاح فجر واستهل نهار |
| فليجزك الله الكريم ثوابه | جنات عدن تحتها الأنهار |
| من كان مثلك في الفضائل والتقى | إن شاء رب الكون ليس يضار |
| أسلمت روحك زاهدًا متبتلًا | وكذاك يفرح باللقا الأبرار |
| نم في رحاب الله أكرم واهب | قد طاب في البيت الحرام جوار |
| يغشاك في ذاك الضريح نعيمه | وسقى ثراك الواكف المغزار |
| ثم الصلاة على النبي وآله | ما غردت في أيكها الأطيار[1] |
- إمام العصر لناصر الزهراني، (596).