بداية طلبه للعلم
لقد حثَّ الإسلام على طلب العلم، وجعل له مقامًا عظيمًا في شريعتنا الغراء، ورفع أهل العلم وجعلهم ورثةً للأنبياء، وقد وردت الأدلة الشرعية التي تحض على طلب العلم والحرص عليه، ومن ذلك قول النبي ﷺ: مَن سلك طريقًا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقًا إلى الجنة[1]، وقال ﷺ: مَن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين[2].
ومن رحمة الله ولطفه بعباده أن قيَّض لهم في كل زمانٍ زمرةً من أهل العلم والفضل، يهدون الناس إلى صراط الله المستقيم، ويرشدونهم إلى المنهج القويم الذي رسمه سيد المرسلين محمد ﷺ.
ويعد الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - واحدًا من رجال هذه الزمرة المباركة، الذين اختارهم الله ليحملوا ميراث النبي ﷺ ويبلغوه إلى الناس، وقد هيأ سبحانه كافة السبل والوسائل التي أعانت الشيخ على السير في طريق العلم والاجتهاد في تحصيله.
البيئة المحيطة:
بدايةً من مولده ونشأته في مدينة (الرياض) هذه المدينة الغراء التي عُرفت في ذلك الوقت باجتماع أهل العلم والفضل، وكثرة وفود طلاب العلم إليها من شتى البقاع، فكانت بمثابة البيئة العلمية التي استقبلت الشيخ منذ نعومة أظفاره، فأثرت في نشأته، وانطبعت في شخصيته، وأصبح محبًّا للعلم، مقبلًا عليه. [3]
التشجيع الأسري:
وإلى جانب تأثير هذه البيئة العلمية، كان لمحيطه الأسري أثرٌ عظيمٌ في إقبال الشيخ على العلم والتحصيل، حيث كانت الأسرة تشجعه أيما تشجيعٍ، وتدفعه دفعًا إلى ورود حياض العلم، فبالرغم من الوضع المادي والمعيشي الذي كانت تعيشه الأسرة، إلا أن والدته - رحمها الله - كانت حريصة على تهيئة الجو المناسب لطلب العلم، وكانت تعينه بالنصح والتوجيه، وكذلك كان يحرص أخوه على العمل والتكسب؛ لكي ينفق عليه ويكفيه مؤنته فيصبح متفرغًا للعلم بعدما كان يتاجر معه في الأسواق. [4]
النبوغ والذكاء وعلو الهمة:
ومما أعان الشيخ كذلك على السير في طريق العلم قدمًا ما حباه الله به من نبوغٍ وذكاءٍ فطري، وعلو همةٍ ونفسٍ وثابةٍ، فبالرغم من الأوضاع المادية والمعيشية والاجتماعية الصعبة التي كانت تسود بيئته والبيئات المحيطة به في ذلك الوقت لم تمثل هذه الأوضاع أية عوائق له، وذلك بفضل هذه النفس الوثابة والطموح العالي والهمة السامية التي كانت تحول بينه وبين اليأس والخنوع للواقع. [5]
يقول عبدالرحمن بن يوسف: "لقد عُرف سماحته - رحمه الله - بالنبوغ المبكر، والألمعية النادرة، والنجابة الظاهرة، والذكاء المفرط منذ نعومة أظفاره، حتى بزَّ أقرانه ورفاق أترابه، فهو منذ صغره صاحب همة عالية، ونفس أبية، وقلب طموح، وعليه فقد جعلته تلك الصفات الجليلة موضع تقدير واحترام وتبجيل وتعظيم لكل من عرفه آنذاك أو خالطه وزامله". [6]
قوة الحفظ والذاكرة :
ولقد تميز سماحة الشيخ منذ طفولته بقوة الحفظ والذاكرة حيث أتم حفظ كتاب الله بإتقان قبل البلوغ، كما حفظ عددًا كبيرًا من المتون العلمية، وعندما ابتلي - رحمه الله - بفقدان بصره لم يكن ذلك عائقًا له عن السير في طريق العلم والاجتهاد في تحصيله - كما يحدث لبعض المبتلين - إنما استطاع أن يُحول المحنة إلى منحة، حيث ساعده فقدان البصر على توفير مساحة واسعة من التأمل والتركيز والحفظ بإتقان..
يقول عبدالرحمن بن يوسف: "إن نعمة الحفظ وقوة الذاكرة هما من الأسباب القوية - بعد توفيق الله - على تمكنه من طلبه للعلم، وازدياد ثروته العلمية، المبنية على محفوظاته التي وعتها ذاكرته في مراحل التعلم والتعليم، وقد حباه الله من الذكاء وقوة الحفظ وسرعة الفهم ما مكنه من إدراك محفوظاته العلمية عن فهم وبصيرة". [7]
بداية التحصيل:
بدأ الشيخ - رحمه الله - طريقه بحفظ القرآن كعادة أهل العلم، وقد أتم حفظه قبل سن البلوغ على يد الشيخ عبدالله بن مفيريج، ثم اشتغل بطلب العلم على يد المشايخ في الرياض، وأول من قرأ عليه: الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب، قاضي الرياض، المتوفى سنة 1372هـ، حيث قرأ عليه (الأصول الثلاثة) و(كتاب التوحيد) و(كشف الشبهات) وغيرها من كتب الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب.
كما قرأ على الشيخ محمد بن عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ مدة في بيته في العقيدة وغيرها، وقرأ كذلك على الشيخ العلامة سعد بن حمد بن عتيق - رحمه الله - في الجامع الكبير في الرياض في النحو وغيره عام 1344هـ، وقرأ على الشيخ سعد بن وقاص البخاري في القرآن والتجويد عام 1355هـ، وقرأ على الشيخ العلامة حمد بن فارس الفارسي سجل (بيت المال) وكتاب (الآجرومية) في النحو.
كما قرأ على الشيخ العلامة الإمام محمد بن إبراهيم آل الشيخ - مفتي البلاد السعودية سابقًا - المتوفى سنة 1389هـ، وقد لازم دروسه نحو عشر سنوات، ابتداء من سنة 1347هـ إلى 1357هـ، وتلقى عنه جميع العلوم الشرعية، حيث رُشِّح للقضاء من قِبل سماحته. [8]
وبعد، فقد رأينا كيف تضافرت الظروف البيئية والسمات الشخصية على تنشئة سماحة الشيخ نشأة علمية؛ لتصبح سيرته العلمية نموذجًا فريدًا، حريٌّ بطلاب العلم أن يستلهموا منها الفوائد والعبر؛ ليكونوا من العلماء الربانين.
ومن رحمة الله ولطفه بعباده أن قيَّض لهم في كل زمانٍ زمرةً من أهل العلم والفضل، يهدون الناس إلى صراط الله المستقيم، ويرشدونهم إلى المنهج القويم الذي رسمه سيد المرسلين محمد ﷺ.
ويعد الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - واحدًا من رجال هذه الزمرة المباركة، الذين اختارهم الله ليحملوا ميراث النبي ﷺ ويبلغوه إلى الناس، وقد هيأ سبحانه كافة السبل والوسائل التي أعانت الشيخ على السير في طريق العلم والاجتهاد في تحصيله.
البيئة المحيطة:
بدايةً من مولده ونشأته في مدينة (الرياض) هذه المدينة الغراء التي عُرفت في ذلك الوقت باجتماع أهل العلم والفضل، وكثرة وفود طلاب العلم إليها من شتى البقاع، فكانت بمثابة البيئة العلمية التي استقبلت الشيخ منذ نعومة أظفاره، فأثرت في نشأته، وانطبعت في شخصيته، وأصبح محبًّا للعلم، مقبلًا عليه. [3]
التشجيع الأسري:
وإلى جانب تأثير هذه البيئة العلمية، كان لمحيطه الأسري أثرٌ عظيمٌ في إقبال الشيخ على العلم والتحصيل، حيث كانت الأسرة تشجعه أيما تشجيعٍ، وتدفعه دفعًا إلى ورود حياض العلم، فبالرغم من الوضع المادي والمعيشي الذي كانت تعيشه الأسرة، إلا أن والدته - رحمها الله - كانت حريصة على تهيئة الجو المناسب لطلب العلم، وكانت تعينه بالنصح والتوجيه، وكذلك كان يحرص أخوه على العمل والتكسب؛ لكي ينفق عليه ويكفيه مؤنته فيصبح متفرغًا للعلم بعدما كان يتاجر معه في الأسواق. [4]
النبوغ والذكاء وعلو الهمة:
ومما أعان الشيخ كذلك على السير في طريق العلم قدمًا ما حباه الله به من نبوغٍ وذكاءٍ فطري، وعلو همةٍ ونفسٍ وثابةٍ، فبالرغم من الأوضاع المادية والمعيشية والاجتماعية الصعبة التي كانت تسود بيئته والبيئات المحيطة به في ذلك الوقت لم تمثل هذه الأوضاع أية عوائق له، وذلك بفضل هذه النفس الوثابة والطموح العالي والهمة السامية التي كانت تحول بينه وبين اليأس والخنوع للواقع. [5]
يقول عبدالرحمن بن يوسف: "لقد عُرف سماحته - رحمه الله - بالنبوغ المبكر، والألمعية النادرة، والنجابة الظاهرة، والذكاء المفرط منذ نعومة أظفاره، حتى بزَّ أقرانه ورفاق أترابه، فهو منذ صغره صاحب همة عالية، ونفس أبية، وقلب طموح، وعليه فقد جعلته تلك الصفات الجليلة موضع تقدير واحترام وتبجيل وتعظيم لكل من عرفه آنذاك أو خالطه وزامله". [6]
قوة الحفظ والذاكرة :
ولقد تميز سماحة الشيخ منذ طفولته بقوة الحفظ والذاكرة حيث أتم حفظ كتاب الله بإتقان قبل البلوغ، كما حفظ عددًا كبيرًا من المتون العلمية، وعندما ابتلي - رحمه الله - بفقدان بصره لم يكن ذلك عائقًا له عن السير في طريق العلم والاجتهاد في تحصيله - كما يحدث لبعض المبتلين - إنما استطاع أن يُحول المحنة إلى منحة، حيث ساعده فقدان البصر على توفير مساحة واسعة من التأمل والتركيز والحفظ بإتقان..
يقول عبدالرحمن بن يوسف: "إن نعمة الحفظ وقوة الذاكرة هما من الأسباب القوية - بعد توفيق الله - على تمكنه من طلبه للعلم، وازدياد ثروته العلمية، المبنية على محفوظاته التي وعتها ذاكرته في مراحل التعلم والتعليم، وقد حباه الله من الذكاء وقوة الحفظ وسرعة الفهم ما مكنه من إدراك محفوظاته العلمية عن فهم وبصيرة". [7]
بداية التحصيل:
بدأ الشيخ - رحمه الله - طريقه بحفظ القرآن كعادة أهل العلم، وقد أتم حفظه قبل سن البلوغ على يد الشيخ عبدالله بن مفيريج، ثم اشتغل بطلب العلم على يد المشايخ في الرياض، وأول من قرأ عليه: الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب، قاضي الرياض، المتوفى سنة 1372هـ، حيث قرأ عليه (الأصول الثلاثة) و(كتاب التوحيد) و(كشف الشبهات) وغيرها من كتب الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب.
كما قرأ على الشيخ محمد بن عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ مدة في بيته في العقيدة وغيرها، وقرأ كذلك على الشيخ العلامة سعد بن حمد بن عتيق - رحمه الله - في الجامع الكبير في الرياض في النحو وغيره عام 1344هـ، وقرأ على الشيخ سعد بن وقاص البخاري في القرآن والتجويد عام 1355هـ، وقرأ على الشيخ العلامة حمد بن فارس الفارسي سجل (بيت المال) وكتاب (الآجرومية) في النحو.
كما قرأ على الشيخ العلامة الإمام محمد بن إبراهيم آل الشيخ - مفتي البلاد السعودية سابقًا - المتوفى سنة 1389هـ، وقد لازم دروسه نحو عشر سنوات، ابتداء من سنة 1347هـ إلى 1357هـ، وتلقى عنه جميع العلوم الشرعية، حيث رُشِّح للقضاء من قِبل سماحته. [8]
وبعد، فقد رأينا كيف تضافرت الظروف البيئية والسمات الشخصية على تنشئة سماحة الشيخ نشأة علمية؛ لتصبح سيرته العلمية نموذجًا فريدًا، حريٌّ بطلاب العلم أن يستلهموا منها الفوائد والعبر؛ ليكونوا من العلماء الربانين.
- رواه الترمذي (2646).
- رواه البخاري (71)، ومسلم (1037).
- عبدالعزيز ابن باز عالم فقدته الأمة، محمد بن سعد الشويعر (37).
- عبدالعزيز ابن باز عالم فقدته الأمة، محمد بن سعد الشويعر (37).
- ينظر: الإنجاز في ترجمة الإمام عبدالعزيز بن باز، لعبدالرحمن بن يوسف (69).
- ينظر: الإنجاز في ترجمة الإمام عبدالعزيز بن باز، لعبدالرحمن بن يوسف (68).
- ينظر: الإنجاز في ترجمة الإمام عبدالعزيز بن باز، لعبدالرحمن بن يوسف (68).
- ينظر: موسوعة أعلام القرن الرابع عشر والخامس عشر، لإبراهيم الحازمي (19/1-20)، الإبريزية في التسعين البازية، لحمد بن إبراهيم الشتوي (25-27).