شرح الحديث ودموعه تهطل
قال عبد العزيز بن عبد الله السالم: "حدثني صديق - وهو إمام مسجد بمكة المكرمة - أنه كان يصلي بجامعته ثم ينطلق بسيارته لدرس سماحة الشيخ عبد العزيز في مسجده بحي العزيزية، وقد ذكر أنه ذات مرة وكان موضوع الدرس عن حديث جابر بن عبد الله الذي نصه كما جاء في صحيح البخاري. قال بعث رسول الله ﷺ بَعْثًا قبل الساحل، فأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح، وهم ثلاث مائة، قال: وأنا فيهم، قال: فخرجنا حتى إذا كنا ببعض الطريق فني الزاد، فأمر أبو عبيدة بأزواد ذلك الجيش، فجمع ذلك كله، فكان مزودي تمر، قال: فكان يقوتناه كل يوم قليلًا قليلًا حتى فني ولم تصبنا إلا تمرة تمرة، فقلتُ: وما تغني تمرة. فقال: لقد وجدنا فقدها حيث فنيت، قال: ثم انتهينا إلى البحر، فإذا حوت مثل الظرب، فأكل منه ذلك الجيش ثماني عشرة ليلة، ثم أمر أبو عبيدة بضلعين من أضلاعه فنصبا، ثم أمر براحلة فرحلت ثم مرت تحتهما ولم تصبهما قال مالك الظرب الجبيل.
وفي صحيح مسلم من رواية أبي الزبير : أنه أيضًا سُئل عن ذلك، فقال: لقد وجدنا فقدها حين فُنيت، فقلتُ: كيف تصنعون بها؟ قال: نمصها كما يمص الصبي الثدي، ثم نشرب عليها الماء فتكفينا يومنا إلى الليل.
وعند بلوغ نهاية الحديث من أن نصيب كل واحد من هؤلاء الصحابة تمرة واحدة يمصها ليسكت بها جوعه وهو يجاهد في سبيل الله. عند ذلك انفجر الشيخ عبد العزيز - رحمه الله رحمة الأبرار - في نشيج متصل وبكاء متواصل دام - كما يقول محدثي - سبع دقائق، ذلك أنه يعيش بأحاسيسه الإيمانية مع مواكب الأخيار، ويتأسى بأحوالهم وما نالهم من مكابدة العيش في هذه الدنيا الفانية. وقد شرح الشيخ هذا الحديث ودموعه تهطل من خشية الله، وصوته يتهدج بين المستمعين إليه والمتحلِّقين حوله وهو يصف لهم حالة صحابة رسول الله من شظف العيش وشكرهم لله، وكيف نعيش نحن في عصرنا الحاضر ونعم الله علينا كثيرة ولكننا لا نُقَدِّرها حق قدرها، ولا نحمد الله عليها كما يجب أن يُحمد، وإنما كثير مِنَّا يرمون بها في النفايات، وهذا ما أوصلنا إلى الحالة الواهنة التي نعيشها.
وقد كان الصحابة مع قلة إمكانياتهم هزموا الدول العظمى في عهدهم؛ لأنهم كانوا يعرفون حق الله عليهم ويُقَدِّرون نعمه. ومضى سماحته يتحدث طويلًا في هذا المجال". [1]
وفي صحيح مسلم من رواية أبي الزبير : أنه أيضًا سُئل عن ذلك، فقال: لقد وجدنا فقدها حين فُنيت، فقلتُ: كيف تصنعون بها؟ قال: نمصها كما يمص الصبي الثدي، ثم نشرب عليها الماء فتكفينا يومنا إلى الليل.
وعند بلوغ نهاية الحديث من أن نصيب كل واحد من هؤلاء الصحابة تمرة واحدة يمصها ليسكت بها جوعه وهو يجاهد في سبيل الله. عند ذلك انفجر الشيخ عبد العزيز - رحمه الله رحمة الأبرار - في نشيج متصل وبكاء متواصل دام - كما يقول محدثي - سبع دقائق، ذلك أنه يعيش بأحاسيسه الإيمانية مع مواكب الأخيار، ويتأسى بأحوالهم وما نالهم من مكابدة العيش في هذه الدنيا الفانية. وقد شرح الشيخ هذا الحديث ودموعه تهطل من خشية الله، وصوته يتهدج بين المستمعين إليه والمتحلِّقين حوله وهو يصف لهم حالة صحابة رسول الله من شظف العيش وشكرهم لله، وكيف نعيش نحن في عصرنا الحاضر ونعم الله علينا كثيرة ولكننا لا نُقَدِّرها حق قدرها، ولا نحمد الله عليها كما يجب أن يُحمد، وإنما كثير مِنَّا يرمون بها في النفايات، وهذا ما أوصلنا إلى الحالة الواهنة التي نعيشها.
وقد كان الصحابة مع قلة إمكانياتهم هزموا الدول العظمى في عهدهم؛ لأنهم كانوا يعرفون حق الله عليهم ويُقَدِّرون نعمه. ومضى سماحته يتحدث طويلًا في هذا المجال". [1]
- [مواقف مضيئة في حياة الإمام عبد العزيز ابن باز، حمود بن عبد الله المطر، دار الوطن، الطبعة الأولى، 1420هـ، ص: 107-108].