عالم الأمة

عبدالله بن عبدالعزيز الجطيلي
إمام وخطيب جامع حي الرفيعة ببريدة
 
الحمد لله الحي الذي لا يموت القائل: إِنَّكَ مَيِّتٞ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ [الزمر: 30] والقائل: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٞ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُۚ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوۡ قُتِلَ ٱنقَلَبۡتُمۡ عَلَىٰٓ أَعۡقَٰبِكُمۡۚ الآية، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه القائل: إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ولكن يقبضه بقبض العلماء الحديث فلاشك أن وفاة الوالد سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء ورئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي عالم الأمة وإمام الدعاة في هذا العصر - يرحمه الله.
أقول: إنها خسارة عظيمة على العالم الإسلامي كله فقدْ فقدَ المسلمون شيخًا جليلًا وعلامة فهامة له باع طويل في علم العقائد، وفي علم التفسير والحديث والفقه وغير ذلك من فروع المعرفة الواسعة، بجانب ما أعطاه الله من سعة الصدر وكرم الأخلاق والسخاء ونبل المشاعر وعفة النفس والزهد في مباهج الحياة، وبذل الشفاعة الحسنة لكل من قرع بابه، مع حبه لكل خير، والنصح لكل مسلم، وإن القلب يحزن والعين تدمع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، إنا لله وإنا إليه راجعون .
وإن مما يهون المصيبة هذه الحشود التي اكتظ بها الحرم المكي للصلاة عليه وتشييع جنازته، يتقدمهم ولاة أمورنا حفظهم الله، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين أمد الله بعمره، وألبسه ثوب الصحة والعافية، وإني متفائل خيرًا لما رأيت هذه الكثرة الهائلة مما تحدثه من تقوية إيمان للمشيعين والناظرين، بل ومن دخول في الإسلام لغير المسلمين، كما حصل لإمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل - رحمه الله؛ حيث دخل في الإسلام آلاف مؤلفة عندما رأوا تشييع جنازته - رحمه الله، وأرجو أن يتحقق ذلك، وأن يكون في ميزان حسنات فقيد الأمة سماحة الشيخ، تغمده الله بواسع رحمته، وأسكنه الله فسيح جناته، وبوأه منازل الأبرار مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا، وجزاه الله عما قدم للإسلام والمسلمين خير الجزاء، وعوض الله المسلمين بفقده خيرًا، ونحن إذ نعزي أنفسنا في سماحة والدنا نقدم العزاء إلى إمام المسلمين خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني، وإلى أسرة الشيخ المكلومة، وإلى الأمة الإسلامية كافة، هذا ونسأله جل وعلا أن يجمعنا وإياه في دار كرامته، وأن يقر عينه بالنظر إلى وجهه الكريم إنه تعالى جواد كريم، ملك بر رؤوف رحيم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذه أحرف متواضعة تنبئ عن بعض ما يكنه الضمير. [1]
 
  1. جريدة الجزيرة، الثلاثاء 3 صفر 1420هـ .