الرجل القمة الرجل الأمة

عبدالعزيز بن عبدالرحمن الحريشي
قم إلى العلياء واكتب قلمي في سجل المجد سطّر من دمي
إن تعثرت فلا غرو فما يستطيع الطفلُ شمّ القمم
همة فيك تهادت نحوها غير أن الخطب فوق الهمم
كيف لي أن أصف الخطبَ الذي جعل الأضلاعَ مثل الرمم
كيف لي أن أصف الرزءَ الذي هوله شدّ لساني بفمي
ركضت رجلاي للمذياع من ألم الصدمة ركض الأيهم
وتناهت عشّة في إصبعي للمحطات فطارت تحتمي
وتنامى أملي أن الذي سمعت أذناي وهم الكلم
أملٌ عشتُ به في سكرةٍ بين آلامي وحاني حلمي
فإذا الهاتف يُذكي جمرةً مات منها أملي من ألمي
هزم الهاتفُ آمالي ضُحًى ذقت منه حسرة المنهزم
سقط الصرح الذي شيدته من أماني بهذا المأتم
فتهاديت كأني موجع هدّه السقم ووهن الهرم
سرت لا ألوي على شيءٍ هنا نحو لا شيء مشت بي قدمي
ترقص الآهات في صوتٍ بدا خافتًا بالألم المضطرم
ثمت استرجعت إيمانًا بما قدّر الله بخط القلم
وإلى مكة يممت الخُطا ودموعي في الدّجا كالديم
أرقب الجثمانَ في هيبته مثل بدرٍ في سحابٍ مُعتم
ووجوه الناس تُكسى بالأسى والدّعا يجهش في كل فم
شيخنا ما أنت بين الأمم غير نورٍ شعَّ بين الظلم
من بقايا السلف الغرّ الأُلى شيّدوا بالنور صرح القيم
ما نرى أعياك عن خطرٍ عمى فلقد سرتَ بنور المنعم
قدت بالعلم جموعًا أقبلت تطلب الورد فأرويت الظّمي
أمة أنت حوت كل العُلا زاحمت بالخلق هام الأنجم
كم حوى قلبُك آلامَ الورى من ثكالى أو صبايا يتم
لم تشح عن سائلٍ مهما قسا أو ترد البابَ عن ذي مغرم
قمة في الحلم والعلم فما تُنكر العين شموخ القمم
قل بفضل الله كم طبقتها حينما يفرح عبدُ الدرهم
في جنان الخلد يا بدرًا هوى
في ذرا الفردوس فُزْ بالمغنم
ذا بإذن الله فالله له نعم كم أنطقت من أبكم
يا فقيد المجد نم في مأمنٍ طاهرًا من مغرمٍ أو مأثم
فعزاء العلم ما خلّفته من شبابٍ حافظٍ للذمم
سار نحو الخير مشبوب الخُطا لابن باز في المعالي ينتمي[1]
  1. صحيفة الرياض، عدد (11289)، بواسطة: سيرة وحياة الشيخ ابن باز، لإبراهيم الحازمي (4/ 1633- 1636).