مزاحه ومداعبته
مع ما كان يتصف به سماحته من الجد والاجتهاد والانغماس في العمل والمداومة على الذكر والطاعات والقربات إلا أن سماحته كانت له دعابات وطرائف يداعب بها جلاسه، ويمازح بها الحاضرين، ليدخل السرور عليهم ويزيل الرتابة والسآمة التي قد تتسلل إليهم، وينفذ من خلالها إلى نفوسهم.
هذا المزاح وتلك الملاطفة ليس فيهما إسراف ولا إسفاف، ولا استخفاف ولا محذور، فكلها في حدود المباح.
ومما يذكر عنه في هذا الباب ما يلي:
أنه - رحمه الله - إذا أراد الوضوء من المغسلة ناول من بجانبه غترته أو مشلحه، ثم قال ممازحًا مداعبًا: هذه يا فلان على سبيل الأمانة، لا تطمع بها.
ومن ذلك أنه إذا قام من المكتبة متعبًا من القراءة والمعاملات، ثم تناول العشاء قال: سنعود إلى المكتبة مرة أخرى؛ لأننا ملأنا البنزين، وتزودنا بالوقود، أو يقول بعبارته: (عبينا بنزين)، ويعني بذلك أنه نشط بعد تناول الطعام.
وكان - رحمه الله - مرهف الشعور، وبمجرد إحساسه أن أحدًا ممن معه متضايق من أمر ما فإنه يلاطفه بما يشرح صدره، وينسيه همه، فربما قال لمن معه: ماذا عندك؟ ماذا ترغب؟ وربما قال له ممازحًا: ما تريد؟ الزواج؟ وإذا أحضر الطعام قال لبعض جُلَّاسه: تغدوا معنا، أو تعشوا، الذي لا يخاف - يعني من أهله - يتفضل معنا.
ومن هذا القبيل أيضًا أنه إذا سلم عليه أحد سأله عن اسمه، فإذا كان في الاسم غرابة أو معنى غريب أو حسن داعب سماحته صاحب ذلك الاسم، فمن ذلك أن فضيلة الشيخ متعب الطيار إذا سلم على سماحة الشيخ قال له سماحته: من؟ فيقول: متعب الطيار، فيقول: متعب من؟ فيقول: متعب أعداء الله، فيقول سماحته: نعم، نعم.
وذات مرة جاء مُطَلِّق فقال له: ما اسمك؟ قال: ذيب، قال: وما اسم زوجتك؟ قال: ذيبة، فقال سماحته مداعبا: أسأل الله العافية! أنت ذيب، وهي ذيبة، كيف يعيش بينكما أولاد؟
وذات يوم كان أحد الإخوة يقرأ، وفي أثناء قراءته تردد في كلمة ولم يفصح عنها، أي: لم يستطع أن يقرأها، وكان ضمن الحاضرين في المجلس الشيخ د. عبدالله بن محمد المجلي، فقال سماحة الشيخ: أعطها ابن مجلي لعله يجليها.
وكان كثيرا ما يمازح الشيخ عبدالرحمن بن حمد بن دايل، ... وكان الشيخ عبدالرحمن يتصل بسماحة الشيخ أو يقابله، ويبدأ بسرد الأعمال، وقراءة القضايا بكل نشاط وهمة، فإذا رآه سماحة الشيخ هكذا قال: يا أبا أحمد، ألا تريد أن تتزوج؟ فيقول الشيخ عبدالرحمن: يا سماحة الشيخ، أنا في واد وأنت في واد، أين أنا والزواج؟ فيقول سماحة الشيخ مداعبًا: وسع صدرك، وسع صدرك.
ويقول الشيخ عبدالرحمن بن دايل: إذا أجريت اللازم على معاملة ما ثم قرأتها على سماحته، وأعجبه ما قرئ عليه قال: قالون، قالون، يعني: جيد، بالفارسية.
ومن النماذج على دعابة سماحة الشيخ أنه كان قبل وفاته بعام واحد مدعوًا عند مدير مكتبه الشيخ محمد الموسى بمناسبة سكناه بيتًا جديدًا، وكان المجلس مليئا بالمشايخ وطلاب العلم... وكان سماحة الشيخ يعمر المجلس بالفوائد والإجابة على الأسئلة، وحصل أن حديثا طويلا دار حول الرقية، وتلبس الجني للإنسي.
ومما دار في ذلك المجلس أن الشيخ عبدالعزيز السدحان ذكر أنه ورد في ترجمة أحمد بن نصر الخزاعي - رحمه الله - أنه رقى رجلًا فيه مس من الجن، فتكلمت على لسانه جنية فقالت لأحمد بن نصر: يا شيخ، لن أخرج من هذا الرجل حتى يدع القول بخلق القرآن! فتبسم سماحته - رحمه الله - وقال: ما شاء الله، هذه جنية سُنّية! هذه من أهل السنة والجماعة!". [1]
قال الدكتور محمد بن سعد الشويعر: "سؤاله الذي يجري على لسانه ويداعب به كبار السن خاصة هو قوله: متى الزواج حتى نحضره؟ ويعلق على هذا عندما سألته عما يعني به وأنت تعرف بعضهم قد تجاوز التسعين وعفت نفسه عن الزواج! يقول: هذا من باب توسيع الصدر، فما ذكرت الزواج لشخص كبير أو صغير إلا ويضحك". [2]
ومن المواقف ما ذكره عبد الرحمن بن يوسف الرحمة فقال:"من المواقف التي تدل على بساطته وروحه المرحة: ما ذكره الأخ الفاضل فهد البكران سلمه الله: أنه في أحد الأيام جمعنا بسماحته - رحمه الله - وأحد كبار العلماء موقف لطيف، حيث كنا خارجين من مكتب الإفتاء بالطائف، فكان سماحته - رحمه الله - يمازح ذلك الشيخ ويقول: هل ما زلت يا شيخ فلان على الواحدة؟ يعني امرأته الوحيدة، فقال ذلك الشيخ: نعم. فرد سماحته قائلا: ولماذا لم تعدد؟ أتخاف منها! فضحك الشيخ وضحكنا معه. [3]
ومن المواقف أيضًا ما ذكره الأخ البكران قائلًا: ويحدث كثيرًا فحينما يهم أحد بالانصراف من مجلس سماحته ليلا، فإن الشيخ يوجه له الدعوة بالبقاء لتناول طعام العشاء معه كعادته مع سائر من يزوره، فإن اعتذر ذلك الإنسان يرد عليه فورا سماحته: إذن أنت تخاف منها - يقصد زوجته - فإن كنت تنفي ذلك فابق معنا للعشاء. [4]
ومن المواقف التي تدل على مزحه وروحه المرحة ما ذكره الشيخ المفضال عبدالرحمن بن جلال: أنه سافر مع سماحته في بعض الأسفار منها من الدلم إلى مكة، وكذلك من الدلم إلى الرياض، وذلك على الجمال، وكان الشيخ في الأسفار يمازحنا، ويطلب منا أن نتسابق ويتسابق معنا وهو أعمى. [5]
ومن مداعباته الطريفة: أن أحد طلابه الأفاضل قرأ عليه في تفسير البغوي بعد غياب القارئ الأساسي - وهو الشيخ عبدالعزيز بن ناصر بن باز - فأكثر هذا القارئ الجديد من القلب الإسنادي والتصحيف في أسماء الرواة، وأملى عليه الشيخ مصححًا عدة مرات بعض الأسانيد، فيخطئ القارئ في تركيبها وقراءتها، فلما انتهى المكان المقرر قراءته سأله سماحته - رحمه الله - عن اسمه، فقال القارئ: اسمي صقر. فقال الشيخ مداعبًا مبتسما: يا ولدي، الصقر ما يحتاج إلى هذا التعليم كله، الصقر يتعلم من أول مرة ووهلة.
ومن مداعباته الطريفة ومواقفه المرحة ما ذكره الأخ سعد الداود - رئيس الحراسة الخاصة له - قائلًا: فهو يحب مداعبة محبيه والناس، فإذا سلم عليه أحدا سأله عن اسمه، سلم عليه رجل فسأله عن اسمه، قال: من؟ قال: طارق. قال الشيخ - رحمه الله: طارق يطرق طرقًا، طارق طرقنا بليل.
وآخر قال له: ما اسمك؟ فقال ذلك الرجل: اسمي مروّع. فضحك الشيخ - رحمه الله - وقال: مروع من أنت؟
وآخران لما سلما على الشيخ وكانا رجلين من البادية، قال الأول: اسمي ذيب. وقال الثاني: اسمي ذياب. قال الشيخ - رحمه الله: الله يكفينا شركم. وضحك.
وآخر قال: اسمي غازي. قال الشيخ - رحمه الله: غازي في سبيل الله... [6].
ومن المواقف التي تدل على مرحه ودعابته ما ذكره الأخ الفاضل إبراهيم الشثري قائلا: والشيخ مرح يمازح ضيوفه بما يقطع عنهم السآمة، فقد كان عنده ذات يوم أحد الدعاة من بلاد الهند يلقب: "أبو الكلام"، فيقول له الشيخ: لماذا سماك أهلك أبو الكلام؟ هل لأن كلامك كثير؟ فيضحك الرجل لما يقول الشيخ ويهز رأسه. [7][8].
ومن المواقف ما ذكره فهد البكران عنه جاء فيه أنه قال: ومن تلك المواقف يحضرني مقدم سماحته علينا ونحن جلوس في مكتبة سماحته بمنزله - كاتب هذه المقالة من أسرة برنامج نور على الدرب - وبعد أن يجلس على الكرسي المعد له، يخلع شماغه الذي على رأسه، ثم يقول - رحمه الله: من عنده الأمانة هذا اليوم؟ ويقصد من يحتفظ بالشماغ لحين القيام من مجلسه، وغالبًا ما يحظى مهندس الصوت بإذاعة القرآن الكريم الزميل فهد العثمان بحفظ أمانة الشيخ - رحمه الله - ثم يقول سماحته: ما رأيكم نبدأ بفهد - كاتب هذه السطور - حتى يعجل في الذهاب إلى أهله؟ وفي أحد الأيام وبعد انتهائي من أخذ فتاوى الأسبوع للمجلة بقيت ولم أخرج من الغرفة لرغبتي في البقاء لسماع تسجيل البرنامج، وعندما علم سماحته - رحمه الله - بذلك قال: فهد هل ما زلت موجودا معنا؟ قلت: نعم، قال: تعلم أننا سنسجل حلقتين من نور على الدرب، وسيطول المقام بنا والباب مقفل، فهل ترى في نفسك القدرة على البقاء صامتا بدون حركة؟ وهل لديك القدرة على ضبط نفسك من الكحة أن تأتيك؟ ثم أردف - رحمه الله: بل أظن أن الكحة ستأتيك لا شك، عندها قمت مودعا ومقبلا رأسه ...". [9][10].
قال عبدالعزيز أسعد نقلًا عن حوار أُجري مع السيد حامد الشارخ زوج حفيدة الشيخ وفاء: "يقولون إن الشيخ - رحمه الله - كانت له روح الدعابة ولك أنت شخصيا موقف معه في ذلك، اذكر لنا جزءًا من هذا الجانب.
معروف عن الشيخ - رحمه الله - سعة الصدر، والقريبون منه كانوا يلمسون روح الدعابة، وأذكر أنني في إحدى المرات دعوته للعشاء في منزلي، فاعتذر، وألححت عليه، فقال مازحًا: تزوج مرة ثانية ألبي دعوتك. فعندما عدت إلى المنزل أخبرت زوجتي (حفيدته أم خالد) بجوابه، فاتصلت به معاتبة، فقال لها: بأن ذلك على سبيل الدعابة، ولبى دعوتنا". [11]
قال عبدالكريم المقرن: "عندما كنا ننتهي من التسجيل مع سماحته [تسجيل برنامج نور على الدرب] كان - كعادته - يدعونا إلى تناول طعام العشاء، ولكنني في أكثر من مرة كنت أعتذر من سماحته، وذلك لأنني غالبًا ما أكون مكلفًا بتنفيذ فترة في إذاعة القرآن الكريم، أو بسبب ظروف عائلية طارئة، فاعتذرت مرتين أو أكثر، فقال سماحته - رحمه الله - بعد انتهاء التسجيل في إحدى المرات: لا يا عبدالكريم، بدأت تخاف منها - يقصد زوجتي - الذي يخاف منها ترانا سامحين له. وهذا من مداعبات سماحته، فضحكنا جميعًا". [12]
هذا المزاح وتلك الملاطفة ليس فيهما إسراف ولا إسفاف، ولا استخفاف ولا محذور، فكلها في حدود المباح.
ومما يذكر عنه في هذا الباب ما يلي:
أنه - رحمه الله - إذا أراد الوضوء من المغسلة ناول من بجانبه غترته أو مشلحه، ثم قال ممازحًا مداعبًا: هذه يا فلان على سبيل الأمانة، لا تطمع بها.
ومن ذلك أنه إذا قام من المكتبة متعبًا من القراءة والمعاملات، ثم تناول العشاء قال: سنعود إلى المكتبة مرة أخرى؛ لأننا ملأنا البنزين، وتزودنا بالوقود، أو يقول بعبارته: (عبينا بنزين)، ويعني بذلك أنه نشط بعد تناول الطعام.
وكان - رحمه الله - مرهف الشعور، وبمجرد إحساسه أن أحدًا ممن معه متضايق من أمر ما فإنه يلاطفه بما يشرح صدره، وينسيه همه، فربما قال لمن معه: ماذا عندك؟ ماذا ترغب؟ وربما قال له ممازحًا: ما تريد؟ الزواج؟ وإذا أحضر الطعام قال لبعض جُلَّاسه: تغدوا معنا، أو تعشوا، الذي لا يخاف - يعني من أهله - يتفضل معنا.
ومن هذا القبيل أيضًا أنه إذا سلم عليه أحد سأله عن اسمه، فإذا كان في الاسم غرابة أو معنى غريب أو حسن داعب سماحته صاحب ذلك الاسم، فمن ذلك أن فضيلة الشيخ متعب الطيار إذا سلم على سماحة الشيخ قال له سماحته: من؟ فيقول: متعب الطيار، فيقول: متعب من؟ فيقول: متعب أعداء الله، فيقول سماحته: نعم، نعم.
وذات مرة جاء مُطَلِّق فقال له: ما اسمك؟ قال: ذيب، قال: وما اسم زوجتك؟ قال: ذيبة، فقال سماحته مداعبا: أسأل الله العافية! أنت ذيب، وهي ذيبة، كيف يعيش بينكما أولاد؟
وذات يوم كان أحد الإخوة يقرأ، وفي أثناء قراءته تردد في كلمة ولم يفصح عنها، أي: لم يستطع أن يقرأها، وكان ضمن الحاضرين في المجلس الشيخ د. عبدالله بن محمد المجلي، فقال سماحة الشيخ: أعطها ابن مجلي لعله يجليها.
وكان كثيرا ما يمازح الشيخ عبدالرحمن بن حمد بن دايل، ... وكان الشيخ عبدالرحمن يتصل بسماحة الشيخ أو يقابله، ويبدأ بسرد الأعمال، وقراءة القضايا بكل نشاط وهمة، فإذا رآه سماحة الشيخ هكذا قال: يا أبا أحمد، ألا تريد أن تتزوج؟ فيقول الشيخ عبدالرحمن: يا سماحة الشيخ، أنا في واد وأنت في واد، أين أنا والزواج؟ فيقول سماحة الشيخ مداعبًا: وسع صدرك، وسع صدرك.
ويقول الشيخ عبدالرحمن بن دايل: إذا أجريت اللازم على معاملة ما ثم قرأتها على سماحته، وأعجبه ما قرئ عليه قال: قالون، قالون، يعني: جيد، بالفارسية.
ومن النماذج على دعابة سماحة الشيخ أنه كان قبل وفاته بعام واحد مدعوًا عند مدير مكتبه الشيخ محمد الموسى بمناسبة سكناه بيتًا جديدًا، وكان المجلس مليئا بالمشايخ وطلاب العلم... وكان سماحة الشيخ يعمر المجلس بالفوائد والإجابة على الأسئلة، وحصل أن حديثا طويلا دار حول الرقية، وتلبس الجني للإنسي.
ومما دار في ذلك المجلس أن الشيخ عبدالعزيز السدحان ذكر أنه ورد في ترجمة أحمد بن نصر الخزاعي - رحمه الله - أنه رقى رجلًا فيه مس من الجن، فتكلمت على لسانه جنية فقالت لأحمد بن نصر: يا شيخ، لن أخرج من هذا الرجل حتى يدع القول بخلق القرآن! فتبسم سماحته - رحمه الله - وقال: ما شاء الله، هذه جنية سُنّية! هذه من أهل السنة والجماعة!". [1]
قال الدكتور محمد بن سعد الشويعر: "سؤاله الذي يجري على لسانه ويداعب به كبار السن خاصة هو قوله: متى الزواج حتى نحضره؟ ويعلق على هذا عندما سألته عما يعني به وأنت تعرف بعضهم قد تجاوز التسعين وعفت نفسه عن الزواج! يقول: هذا من باب توسيع الصدر، فما ذكرت الزواج لشخص كبير أو صغير إلا ويضحك". [2]
ومن المواقف ما ذكره عبد الرحمن بن يوسف الرحمة فقال:"من المواقف التي تدل على بساطته وروحه المرحة: ما ذكره الأخ الفاضل فهد البكران سلمه الله: أنه في أحد الأيام جمعنا بسماحته - رحمه الله - وأحد كبار العلماء موقف لطيف، حيث كنا خارجين من مكتب الإفتاء بالطائف، فكان سماحته - رحمه الله - يمازح ذلك الشيخ ويقول: هل ما زلت يا شيخ فلان على الواحدة؟ يعني امرأته الوحيدة، فقال ذلك الشيخ: نعم. فرد سماحته قائلا: ولماذا لم تعدد؟ أتخاف منها! فضحك الشيخ وضحكنا معه. [3]
ومن المواقف أيضًا ما ذكره الأخ البكران قائلًا: ويحدث كثيرًا فحينما يهم أحد بالانصراف من مجلس سماحته ليلا، فإن الشيخ يوجه له الدعوة بالبقاء لتناول طعام العشاء معه كعادته مع سائر من يزوره، فإن اعتذر ذلك الإنسان يرد عليه فورا سماحته: إذن أنت تخاف منها - يقصد زوجته - فإن كنت تنفي ذلك فابق معنا للعشاء. [4]
ومن المواقف التي تدل على مزحه وروحه المرحة ما ذكره الشيخ المفضال عبدالرحمن بن جلال: أنه سافر مع سماحته في بعض الأسفار منها من الدلم إلى مكة، وكذلك من الدلم إلى الرياض، وذلك على الجمال، وكان الشيخ في الأسفار يمازحنا، ويطلب منا أن نتسابق ويتسابق معنا وهو أعمى. [5]
ومن مداعباته الطريفة: أن أحد طلابه الأفاضل قرأ عليه في تفسير البغوي بعد غياب القارئ الأساسي - وهو الشيخ عبدالعزيز بن ناصر بن باز - فأكثر هذا القارئ الجديد من القلب الإسنادي والتصحيف في أسماء الرواة، وأملى عليه الشيخ مصححًا عدة مرات بعض الأسانيد، فيخطئ القارئ في تركيبها وقراءتها، فلما انتهى المكان المقرر قراءته سأله سماحته - رحمه الله - عن اسمه، فقال القارئ: اسمي صقر. فقال الشيخ مداعبًا مبتسما: يا ولدي، الصقر ما يحتاج إلى هذا التعليم كله، الصقر يتعلم من أول مرة ووهلة.
ومن مداعباته الطريفة ومواقفه المرحة ما ذكره الأخ سعد الداود - رئيس الحراسة الخاصة له - قائلًا: فهو يحب مداعبة محبيه والناس، فإذا سلم عليه أحدا سأله عن اسمه، سلم عليه رجل فسأله عن اسمه، قال: من؟ قال: طارق. قال الشيخ - رحمه الله: طارق يطرق طرقًا، طارق طرقنا بليل.
وآخر قال له: ما اسمك؟ فقال ذلك الرجل: اسمي مروّع. فضحك الشيخ - رحمه الله - وقال: مروع من أنت؟
وآخران لما سلما على الشيخ وكانا رجلين من البادية، قال الأول: اسمي ذيب. وقال الثاني: اسمي ذياب. قال الشيخ - رحمه الله: الله يكفينا شركم. وضحك.
وآخر قال: اسمي غازي. قال الشيخ - رحمه الله: غازي في سبيل الله... [6].
ومن المواقف التي تدل على مرحه ودعابته ما ذكره الأخ الفاضل إبراهيم الشثري قائلا: والشيخ مرح يمازح ضيوفه بما يقطع عنهم السآمة، فقد كان عنده ذات يوم أحد الدعاة من بلاد الهند يلقب: "أبو الكلام"، فيقول له الشيخ: لماذا سماك أهلك أبو الكلام؟ هل لأن كلامك كثير؟ فيضحك الرجل لما يقول الشيخ ويهز رأسه. [7][8].
ومن المواقف ما ذكره فهد البكران عنه جاء فيه أنه قال: ومن تلك المواقف يحضرني مقدم سماحته علينا ونحن جلوس في مكتبة سماحته بمنزله - كاتب هذه المقالة من أسرة برنامج نور على الدرب - وبعد أن يجلس على الكرسي المعد له، يخلع شماغه الذي على رأسه، ثم يقول - رحمه الله: من عنده الأمانة هذا اليوم؟ ويقصد من يحتفظ بالشماغ لحين القيام من مجلسه، وغالبًا ما يحظى مهندس الصوت بإذاعة القرآن الكريم الزميل فهد العثمان بحفظ أمانة الشيخ - رحمه الله - ثم يقول سماحته: ما رأيكم نبدأ بفهد - كاتب هذه السطور - حتى يعجل في الذهاب إلى أهله؟ وفي أحد الأيام وبعد انتهائي من أخذ فتاوى الأسبوع للمجلة بقيت ولم أخرج من الغرفة لرغبتي في البقاء لسماع تسجيل البرنامج، وعندما علم سماحته - رحمه الله - بذلك قال: فهد هل ما زلت موجودا معنا؟ قلت: نعم، قال: تعلم أننا سنسجل حلقتين من نور على الدرب، وسيطول المقام بنا والباب مقفل، فهل ترى في نفسك القدرة على البقاء صامتا بدون حركة؟ وهل لديك القدرة على ضبط نفسك من الكحة أن تأتيك؟ ثم أردف - رحمه الله: بل أظن أن الكحة ستأتيك لا شك، عندها قمت مودعا ومقبلا رأسه ...". [9][10].
قال عبدالعزيز أسعد نقلًا عن حوار أُجري مع السيد حامد الشارخ زوج حفيدة الشيخ وفاء: "يقولون إن الشيخ - رحمه الله - كانت له روح الدعابة ولك أنت شخصيا موقف معه في ذلك، اذكر لنا جزءًا من هذا الجانب.
معروف عن الشيخ - رحمه الله - سعة الصدر، والقريبون منه كانوا يلمسون روح الدعابة، وأذكر أنني في إحدى المرات دعوته للعشاء في منزلي، فاعتذر، وألححت عليه، فقال مازحًا: تزوج مرة ثانية ألبي دعوتك. فعندما عدت إلى المنزل أخبرت زوجتي (حفيدته أم خالد) بجوابه، فاتصلت به معاتبة، فقال لها: بأن ذلك على سبيل الدعابة، ولبى دعوتنا". [11]
قال عبدالكريم المقرن: "عندما كنا ننتهي من التسجيل مع سماحته [تسجيل برنامج نور على الدرب] كان - كعادته - يدعونا إلى تناول طعام العشاء، ولكنني في أكثر من مرة كنت أعتذر من سماحته، وذلك لأنني غالبًا ما أكون مكلفًا بتنفيذ فترة في إذاعة القرآن الكريم، أو بسبب ظروف عائلية طارئة، فاعتذرت مرتين أو أكثر، فقال سماحته - رحمه الله - بعد انتهاء التسجيل في إحدى المرات: لا يا عبدالكريم، بدأت تخاف منها - يقصد زوجتي - الذي يخاف منها ترانا سامحين له. وهذا من مداعبات سماحته، فضحكنا جميعًا". [12]
- جوانب من سيرة الإمام عبدالعزيز بن باز، رواية محمد الموسى (172-175).
- عبدالعزيز بن باز عالم فقدته الأمة، للشويعر (153).
- مجلة الدعوة العدد (1693).
- مجلة الدعوة العدد (1693).
- مجلة الرياض العدد (11292).
- شريط عبرات وعبارات: الوجه الثاني.
- مجلة الدعوة العدد (1693).
- الإنجاز في ترجمة الإمام عبدالعزيز بن باز، لعبدالرحمن الرحمة (225 -227).
- مجلة الدعوة العدد (1693).
- الإنجاز في ترجمة الإمام عبدالعزيز بن باز، لعبدالرحمن الرحمة (225 -227).
- موسوعة إمام المسلمين في القرن العشرين، لعبدالعزيز أسعد (67/1).
- اللآلئ السنية، لعبدالكريم المقرن (27،26).