رمز التواضع

عثمان بن عبدالعزيز القديري
العين تدمع والأجفان مقرحة والقلب يرجف من هولٍ ومن وصب
والنفس في حزنها ينتابها ألم قد هدَّ قوتها في العزم والأرب
قد فارق النومُ عيني مُذْ سمعتُ به وأرَّق الجفن قِلّ النوم والتعب
وضاع فكري بأمرٍ لستُ أُدركه أخرج الله بعد الشيخ أو يهب
لمن يشاء جميع العلم يجمعه في صدره من علوم الدين والأدب
فالشيخ قدوتنا في كلِّ مكرمةٍ دليلنا للمعالي غاية الأرب
فيه التواضع والإحسان مسلكه أيضًا لطيف حديث غير مقتضب
وعالم بكتاب الله حجته مفسر لجميع الآي في الكتب
وعالم بحديث المصطفى سلفًا صحيحه وضعيف مجمل الرتب
وعالم بصحيح القول معتقد في مذهب الشيخ مما قاله النّجب
وعارف بعلوم الإرث مجتهد في الفقه أيضًا إمام سامي الطلب
وحجة في علوم الشرع قاطبةً يسعى إلى الحقِّ لا شكّ ولا ريب
ويبذل النصح للإخوان كلهم من غير تكلفةٍ أو سوء في الأدب
ولا تجده يشدّ القولَ في سخطٍ ولا يقول لشخصٍ فيك من ريب
بل يسمع القولَ في لين مساءلة ويوضح الحقَّ للطلاب في أدب
هذا التواضع والإحسان مجمله لطافة بين خلق الله ترتقب
هذي صفات إمامٍ لا مثيلَ له في وقتنا اليوم بين العجم والعرب
والكل يهتف وا ويلاه من كمد أمات قدوتنا في العلم والأدب؟
مات الإمامُ الذي في العلم مرتعه علم الشريعة ذاكم غاية الأرب
وقمت أدعو إلهي أن يضيفه فردوس جنته في عالي الرتب
وأن يُجازيه عمَّا كان يفعله وما يقول لعجم الناس والعرب
وما يُقدّمه للكل من ثقةٍ نصيحة وبيان الحقّ في أدب
تجاوز الرب عن أخطاء يعملها أو زلَّة من لسانٍ غير محتسب
وأن يُضاعف له الإحسان في عملٍ وفي كلامٍ له يُبديه في أدب
فأحسن الله فيمَن كان من خلفٍ لشيخنا وإمام الحقّ والنّجب
عزاءه وإمام المسلمين ومَن دعوا إلى الحقِّ والإيمان والرتب
ختامها بصلاة الله خالقنا على النبي إمام السادة النّجب[1]
  1. صحيفة الرياض، عدد (11291)، بواسطة: سيرة وحياة الشيخ ابن باز، لإبراهيم الحازمي (4/ 1741- 1744).