لمَن العزاء؟
محمد بن عبدالرحمن المقرن
رحلتَ وكلنا والله راحل | رحلتَ وحبّكم في القلب نازل |
وداعًا أيها الشيخ المسجَّى | قبيل البيض في حلل الفضائل |
وداعًا والقلوب لها ضجيجٌ | من الأحزان عنك أبي تُسائل |
كسا فجر الخميس ثيابَ حزنٍ | وسارت شمسُه سير المجامل |
على الدنيا السلام فقد تولَّى | سناها المستفيض ثرى الجنادل |
لمن ستبث يا قلبي التَّعازي | وكل حامل ما أنت حامل |
كأنَّ الناس إخوان بحزنٍ | عليه وإن تفرقت القبائل |
فمَن لذوي البصائر كابن باز | بلا بصرٍ يُبلّغها المنازل |
ألا فلتبكِ والدَنا البواكي | فإنَّ الدمع فيه من النَّوافل |
أرى تلك الجموعَ وقد توالت | عليه كأنَّه للناس عائل |
تُصلي في وقارٍ ثم كادت | لدى حمل الجنازة أن تُقاتل |
تُشيّعه كأنَّ الأرض ريش | وتُسرع في الخُطى مثل الجحافل |
لقد أظلمتِ يا دنيا علينا | كأنَّ لشيخنا كلَّ المشاعل |
بمسجد سارة تبكي الزوايا | وشامخة السَّواري والمداخل |
فكم علمًا زرعتَ به فأمسى | له في قلب طالبه سنابل |
هنا الحلقات بالرحمات تُغشى | فذا يُصغي إليك وذاك سائل |
حديثك قال: حدثنا، وأنعم | بذاك العلم من قولٍ وقائل |
تموج بعلمكم ولكل علمٍ | شريفٍ عندكم يا بحر ساحل |
سيذكرك الزمانُ وكيف ينسى | سجلًّا سطَّرته يد الشمائل؟! |
عسى بعد "البديعة" أن تُلاقي | بجنة ربنا خير المنازل[1] |
- صحيفة الرياض، عدد (11288)، بواسطة: سيرة وحياة الشيخ ابن باز، لإبراهيم الحازمي (4/ 1847- 1849).