ما أقرب الرجعى من الميلاد

محمد بن صلاح الصاعدي
وجم الفؤاد وغاب صوتُ الحادي وانهدَّ ركنُ المجد والإسعاد
وتمزق القلبُ الصدوقُ بحرةٍ تدع الجسومَ رواجف الأكباد
تسعون عامًا في القضاء محلّق متباعد الإملال والإسهاد
ينفي عن الرحمن كلَّ نقيصةٍ ويُنَزّه الديانَ عن أضداد
سلفية لا تنثني عن نهجها جلَّت عن التَّحريف والإلحاد
فمراكز الدعوات خيَّم حزنها لخلوها من أعظم الرواد
والطائف المأنوس أظلم نبته واهتزَّ منه جباله والوادي
وتطاير الخبر الأليم بجذوةٍ فغدا المكذب أصدق العواد
أفٍّ لدارٍ قد تبدَّى خدعها بتساقط الآباء والأجداد
صبر وعلم والوفاء سجيةٌ كرم وثوق بالكريم الهادي
والله يُسكن شيخنا جناته جنات عدن الروح والإخلاد
يبكيه كل موحدٍ ومهلل ما أبوأت نسم ليوم معاد
فالموت حقٌّ ليس يحجز دونه قصرٌ مشيدٌ عالي الأوتاد
والخُلد لم يجعل لأشرف خلقه أزكى البرية قائد الزهاد
فخروج أنفاس تقصّر أنفسًا ما أقرب الرُّجعى من الميلاد[1]
  1. صحيفة الرياض، عدد (11692)، بواسطة: سيرة وحياة الشيخ ابن باز، لإبراهيم الحازمي (4/ 1845- 1846).