مرثية الباز
محمد حسن أبو عقيل
ماذا أرى؟ ماذا جرى؟ ما الشّان؟ | ما للعباد تحفّهم أحزان؟! |
ما لي أراهم يسكبون دموعَهم | ودعاؤهم رحماك يا رحمان؟ |
وأرى نساء المسلمين بواكيًا | وعلى الرجال من الأسى أحزان |
هل حلَّ خسفٌ بالعباد وزلزلت | من تحتهم وتهدَّمت أركان؟ |
ماذا جرى يوم الخميس بموطني | فتجاوبت مع موطني أوطان؟ |
فأجابني: وطن فؤادك إنه | كسفت علينا الشمسُ يا عقلان |
وانهدَّ نجمُ الصبح حتى أظلمت | والبدر غطَّت نورَه الأشجان |
وتصدَّعت شرق البلاد وغربها | وطغت على كل الدُّنا أحزان |
هذا ابن باز ودَّع الدنيا إلى | دار القرار فضجَّت الأكوان |
وغدت بلادي في وداع عزيزها | تبكي الجبال وتنحب الوديان |
فاجتاحني همٌّ ورجلي سمرت | في موقفي وتفطر الوجدان |
وغدت عيوني لا تكفّ دموعها | هذي الدموع على الأسى عنوان |
عبدالعزيز الباز يا علم الهدى | يبكي عليك الشّيب والشبان |
تبكي عليك مساجد ومنابر | قد عمَّها لفراقكم نقصان |
تبكيك دور العلم في كلِّ الدُّنا | يبكي عليك الصَّحب والخلان |
سبعون عامًا قد قضيت مجاهدًا | وشعارك التوحيد والقرآن |
والسنة الغرَّاء أنت إمامها | في عصرنا مَن مثلكم ربان |
بحر العلوم اليوم حقًّا قد مضى | والله إنَّ وفاته أحزان |
يا ربّ فأجرنا على ما جاءنا | وارحم إمامًا زانه الإيمان |
واجعل مقام إمامنا في جنةٍ | فيها النعيم وفوقه الرضوان |
ولقد أتى خلفٌ فسدد رأيه | وأعنه بالتوفيق يا منان |
واجعل دعاة الخير من أعوانه | إنَّ الدعاة على الهدى أعوان |
وختامها صلى الإله على النبي | ما ناح طيرٌ أو دعا إنسان[1] |
- سيرة وحياة الشيخ ابن باز، لإبراهيم الحازمي (4/ 1817- 1819).