قبض علم وثلمة في الإسلام
أحمد العجلان
تحلية المياه المالحة
تحلية المياه المالحة
الحمد لله الحي الذي لا يموت القائل: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن:26-27]، وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين، أما بعد:
فبعد صلاة الجمعة من يوم 1420/1/28هـ صَلَّت جموع المسلمين فيما يقارب المليونين في المسجد الحرام، وملايين أخرى صَلَّت صلاة الغائب على سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، رحمه الله وجعل قبره روضة من رياض الجنة، وأنزله منازل الشهداء والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقًا، ولست هنا أعدد مآثر سماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله، ولكنني أعزي نفسي والأمة الإسلامية فيه.
ومما يذكر عن سماحته - رحمه الله - أنه لما ودع الرياض ليذهب إلى المدينة المنورة عام 1381هـ لتولي نيابة رئيس الجامعة الإسلامية احتشد أهل الرياض وألقوا خطبًا وودعوه وبكوا بكاءً شديدًا، فقام الشيخ وودعهم وغلبه البكاء، وقال الشاعر المجذوب وكان قد حضر تأثره وبكاءه:
بكينا وفاءً لامرئ قل أن يرى | له في الدعاة العاملين نظير |
فخلوا ملامي إن ألحَّ بي البكا | فإن فراق الصالحين عسير |
ومما لاشك فيه ولاريب أن موت العلماء ثلمة لا تسد، وكسر لا يجبر، لأن العلم يموت بموت العلماء، وفي الصحيحين عن الرسول ﷺ: إن لله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء قال ابراهيم بن أدهم:
اذا مات ذو علم وتقوى | فقد ثلمت من الإسلام ثلمة |
وموت الحاكم العدل المولَّى | بحكم الأرض منقصة ونقمة |
وموت فتى كثير الجود محل | فإن بقاءه خصب ونعمة |
وموت العابد القوام ليل | يناجي ربه في كل ظلمة |
وموت الفارس الضرغام هدم | تشهد له بالنصر عزمه |
فحسبك خمسة يبكي عليهم | وباقي الناس تخفيف ورحمة |
لعمرك ما الرزية فقد مال | ولا شاة تموت ولا بعير |
ولكن الرزية فقد شيخ | يموت بفقده خلق كثير |
- جريدة الجزيرة، الجمعة 6 صفر 1420هـ.