العالم الجليل الذي فقدناه
د. سليمان بن عبدالرحمن العنقري
لقد أمتنّ الله عز وجل على هذه الأمة فبعث النبي الأعظم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم هادياً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ.
فكانت نعمة بعث الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم النعم على هذه الأمة وأجلها.. وإن من أجل هذه النعمة توريث الخالق سبحانه العلماء علوم نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم، فكان العلماء هم ورثته ﷺ القائمين في أمته بمهام التبليغ والتعليم والتوجيه وبيان حدود الحلال والحرام، يقول عليه أفضل الصلاة والسلام:
فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وإن العلماء هم ورثة الأنبياء.. وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً؛ ولكنهم ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر، لقد ورث العلماء ما جاء به الأنبياء والرسل من العلم، فكانوا خلفاءهم في الناس بالدعوة إلى الله وإلى طاعته وبالنهي عن المعاصي، والذود عن حياض الدين.
فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وإن العلماء هم ورثة الأنبياء.. وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً؛ ولكنهم ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر، لقد ورث العلماء ما جاء به الأنبياء والرسل من العلم، فكانوا خلفاءهم في الناس بالدعوة إلى الله وإلى طاعته وبالنهي عن المعاصي، والذود عن حياض الدين.
لقد كان الأمر بالنسبة للأمم السابقة أن يبعث الله إليهم الرسل فما أن يموت الرسول يبعث الله غيره، وكلما مات نبي خلفه نبي.
أما هذه الأمة فقد جعل الله علماءها قائمين فيها بهذا الأمر؛ فالعلماء ورثة الأنبياء وهم رؤوس هذه الأمة والمفضلون فيها فلقد عظم الله قدرهم وأشهدهم على أعظم مشهود: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
فلو كان أحد من الخلق أشرف من العلماء لقرنهم الله باسمه واسم ملائكته كما قرن العلماء.
ونفى الله التسوية بين العلماء وغيرهم فقال: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ فالعلماء رفعهم الله على من سواهم من المؤمنين: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ.
لقد أمر الله بطاعة العلماء وأمر برد الأمور إليهم وسؤالهم عند الإشكال: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ.
فهم الذين أراد الله بهم الخير: من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين إن الناس بحاجة إلى العلم والعلماء فهم إلى العلم والعلماء أحوج منهم إلى الشراب والطعام، يقول الإمام أحمد - رحمه الله: (الناس أحوج إلى العلم منهم إلى الطعام والشراب؛ لأن الطعام والشراب يحتاج إليه في اليوم مرتين وثلاثاً والعلم يحتاج إليه في كل وقت).
إن العلماء كالنجوم يقول عليه أفضل الصلاة والتسليم: إنما العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء يُهتدى بها في ظلمات البر والبحر؛ فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة.
والعلماء في الأمة كمثل الماء والغيث انتفاع الناس بهما غير محدود بحد.
إن العلم الذي به قوام الحياة لا يرفع نزعاً من صدور الخلق ولكن رفعه بقبض العلماء وموت الأئمة الهداة.. قال الصادق المصدوق: إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور العباد؛ ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا.
وليعلم أنه لا يغني عن العلماء وجود الكتب حتى ولو كانت الكتب السماوية إذ لو أغنت تلك الكتب عن قوم لأغنت عن بني إسرائيل الذين انحرفوا فكان منهم من عبد الله على جهل فكانوا ضالين فأولئك هم النصارى، ومنهم من أعرض عن أوامر الله عز وجل عن علم فكانوا مغضوباً عليهم فأولئك هم اليهود.
وأولئك وهؤلاء لم يغن عنهم وجود الكتب السماوية المنزلة عليهم لما لم يكن هناك حملة صادقون في حمل العلم.. وكذلك هذه الأمة لن يغني عنها وجود القرآن إذا لم يكن ثمة علماء يحملون العلم، فلقد روي عن الرسول ﷺ أنه قال: خذوا العلم قبل أن يذهب قالوا وكيف يذهب العلم يا نبي الله وفينا كتاب الله فغضب ثم قال: ثكلتكم أمهاتكم أو لم تكن التوراة والإنجيل في بني إسرائيل فلم يغنيا عنهم شيئا، إن ذهاب العلم أن يذهب حملته.
إن ذهاب العلم إذاً هو بذهاب العلماء وذهاب العلماء.. هلاك الناس، يقول عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: (أتدرون ما ذهاب العلم؟ قلنا: لا، قال: ذهاب العلماء).
إن على الجميع أن يعرفوا قدر العلماء فيجلوهم وينزلوهم منازلهم، وأن يأخذوا عنهم، وإنه ليخشى على الناس إذا لم يعرفوا للعلماء قدرهم أن يبتلوا بفقدهم فيضلوا ويهلكوا.
إن اعتبار العلم والعلماء يجب أن يعاد النظر فيه عند كثير من الناس الذين يعظمون علوم الدنيا وينسون علوم الآخرة، فلإن اجتهد الناس في ذلك فإن الرجاء في الخالق سبحانه وتعالى أن يعوِّض هذه الأمة فيمن فقدت من علمائها وأئمتها وهداتها.
إنه لإن كانت المصيبة عظيمة بفقدان سماحة الشيخ الوالد عبدالعزيز بن باز فإن عطاء الله عز وجل أعظم فإن سعى الخلق إلى العلم هيأ لهم هداة يهدونهم في الظلمات.
وحيث إن الموت حتم لازم وقضاء نافذ على كل حي لم ينج منه بشر ولن ينجو منه مخلوق.. وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ومع أن النفوس جميعها صائرة إلى الموت فإن هذه النفوس متفاوتة في القدر، فليس فقد عظيم القدر وجليل المنزلة كفقد غيره، ولذلك كانت المصيبة بموت رسول الله ﷺ أعظم المصائب على الأمة، وهكذا تكون المصيبة بموت العلماء والأئمة عظيمة عظم منازلهم، ومن هنا كان فقد الأمة للعالم الزاهد الكريم الورع عبدالعزيز بن عبدالله بن باز عظيمة وخسارة كبيرة، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزل له المثوبة وأن يجزيه عما قدم للإسلام والمسلمين خير الجزاء، وأن يحشره مع الصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وأن يخلف على أبنائه وأقاربه ومحبيه والأمة الإسلامية إنه جواد كريم، وإنا لله وإنا إليه راجعون[1].
أما هذه الأمة فقد جعل الله علماءها قائمين فيها بهذا الأمر؛ فالعلماء ورثة الأنبياء وهم رؤوس هذه الأمة والمفضلون فيها فلقد عظم الله قدرهم وأشهدهم على أعظم مشهود: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
فلو كان أحد من الخلق أشرف من العلماء لقرنهم الله باسمه واسم ملائكته كما قرن العلماء.
ونفى الله التسوية بين العلماء وغيرهم فقال: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ فالعلماء رفعهم الله على من سواهم من المؤمنين: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ.
لقد أمر الله بطاعة العلماء وأمر برد الأمور إليهم وسؤالهم عند الإشكال: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ.
فهم الذين أراد الله بهم الخير: من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين إن الناس بحاجة إلى العلم والعلماء فهم إلى العلم والعلماء أحوج منهم إلى الشراب والطعام، يقول الإمام أحمد - رحمه الله: (الناس أحوج إلى العلم منهم إلى الطعام والشراب؛ لأن الطعام والشراب يحتاج إليه في اليوم مرتين وثلاثاً والعلم يحتاج إليه في كل وقت).
إن العلماء كالنجوم يقول عليه أفضل الصلاة والتسليم: إنما العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء يُهتدى بها في ظلمات البر والبحر؛ فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة.
والعلماء في الأمة كمثل الماء والغيث انتفاع الناس بهما غير محدود بحد.
إن العلم الذي به قوام الحياة لا يرفع نزعاً من صدور الخلق ولكن رفعه بقبض العلماء وموت الأئمة الهداة.. قال الصادق المصدوق: إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور العباد؛ ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا.
وليعلم أنه لا يغني عن العلماء وجود الكتب حتى ولو كانت الكتب السماوية إذ لو أغنت تلك الكتب عن قوم لأغنت عن بني إسرائيل الذين انحرفوا فكان منهم من عبد الله على جهل فكانوا ضالين فأولئك هم النصارى، ومنهم من أعرض عن أوامر الله عز وجل عن علم فكانوا مغضوباً عليهم فأولئك هم اليهود.
وأولئك وهؤلاء لم يغن عنهم وجود الكتب السماوية المنزلة عليهم لما لم يكن هناك حملة صادقون في حمل العلم.. وكذلك هذه الأمة لن يغني عنها وجود القرآن إذا لم يكن ثمة علماء يحملون العلم، فلقد روي عن الرسول ﷺ أنه قال: خذوا العلم قبل أن يذهب قالوا وكيف يذهب العلم يا نبي الله وفينا كتاب الله فغضب ثم قال: ثكلتكم أمهاتكم أو لم تكن التوراة والإنجيل في بني إسرائيل فلم يغنيا عنهم شيئا، إن ذهاب العلم أن يذهب حملته.
إن ذهاب العلم إذاً هو بذهاب العلماء وذهاب العلماء.. هلاك الناس، يقول عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: (أتدرون ما ذهاب العلم؟ قلنا: لا، قال: ذهاب العلماء).
إن على الجميع أن يعرفوا قدر العلماء فيجلوهم وينزلوهم منازلهم، وأن يأخذوا عنهم، وإنه ليخشى على الناس إذا لم يعرفوا للعلماء قدرهم أن يبتلوا بفقدهم فيضلوا ويهلكوا.
إن اعتبار العلم والعلماء يجب أن يعاد النظر فيه عند كثير من الناس الذين يعظمون علوم الدنيا وينسون علوم الآخرة، فلإن اجتهد الناس في ذلك فإن الرجاء في الخالق سبحانه وتعالى أن يعوِّض هذه الأمة فيمن فقدت من علمائها وأئمتها وهداتها.
إنه لإن كانت المصيبة عظيمة بفقدان سماحة الشيخ الوالد عبدالعزيز بن باز فإن عطاء الله عز وجل أعظم فإن سعى الخلق إلى العلم هيأ لهم هداة يهدونهم في الظلمات.
وحيث إن الموت حتم لازم وقضاء نافذ على كل حي لم ينج منه بشر ولن ينجو منه مخلوق.. وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ومع أن النفوس جميعها صائرة إلى الموت فإن هذه النفوس متفاوتة في القدر، فليس فقد عظيم القدر وجليل المنزلة كفقد غيره، ولذلك كانت المصيبة بموت رسول الله ﷺ أعظم المصائب على الأمة، وهكذا تكون المصيبة بموت العلماء والأئمة عظيمة عظم منازلهم، ومن هنا كان فقد الأمة للعالم الزاهد الكريم الورع عبدالعزيز بن عبدالله بن باز عظيمة وخسارة كبيرة، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزل له المثوبة وأن يجزيه عما قدم للإسلام والمسلمين خير الجزاء، وأن يحشره مع الصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وأن يخلف على أبنائه وأقاربه ومحبيه والأمة الإسلامية إنه جواد كريم، وإنا لله وإنا إليه راجعون[1].
- جريدة الجزيرة، الثلاثاء 3 صفر 1420هـ.