التأصيل الشرعي والبصيرة في دعوته
ألزم الشيخ نفسه منذ أن تصدر لدعوة الناس وتعليمهم نصوص الوحيين الكتاب والسنة، فهو - رحمه الله - لا يذكر فتوى أو حكمًا أو يقول نصيحة أو غيرها إلا هو يستند في ذلك إلى نصوص الشريعة وكلام أئمة السلف، فهو منضبط بضوابط الشريعة ومتقيد بقواعدها فيما يصدر عنه وما يقوم به.
التأصيل الشرعي في دعوته:
كان الشيخ ابن باز - رحمه الله - واسع المعرفة يحب الحوار الهادئ، ولا يغضب من الجدال بالحق، ويرحب بالأفكار المدعومة بالدليل، ويتراجع عن قوله إذا كان فيه خلاف الدليل، فهو يعوِّل كثيرًا على الكتاب والسنة، فلا عصمة لأحد بعد رسول الله ﷺ. [1]
وهو وإن كان حنبلي المذهب إلا أن فقهه مأخوذ من السنة مباشرة، وهو أشبه ما يكون بمدرسة ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله، فليسوا بالفقهاء الذين لم يعتنوا بالنصوص، وليسوا بأهل الظاهر الذين أهملوا كلام أهل العلم وأخذوا بظواهر النصوص؛ لكنهم يأخذون من النصوص الفقه الصحيح الموافق لقواعد الشريعة، وإن عدموا ذلك رجعوا إلى كبار علماء السنة، فأخذوا منهم ما يستفيدون منه في اجتهاداتهم الخاصة بهم. [2]
يقول الشيخ عائض بن فدغوش الحارثي: "الشيخ - رحمه الله - على منهج السلف الصالح كما هو معروف، لا يفتي إلا بدليل من الكتاب والسنة، أو الإجماع أو أقوال الصحابة، أو القياس ونحو ذلك من الأدلة الشرعية".[3]
ولا تخرج دعوته وتوجيهاته عن هذا المسار، وهو بذلك قد أرسى منهج الأخذ بالدليل الشرعي خلافًا لقول المذهب إذا لم يدل عليه دليل. [4]
"إن الثوابت والمنطلقات التي صبغت عطاء الشيخ - رحمه الله - وأطرته وميزته تتمثل في الآتي:
حرصه الشديد على أن ما يصدر منه مصدره كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، فهو دائم الاستشهاد بآياته، والاسترشاد به، والدعوة إلى الرجوع إليه، والحث على قراءته، وحفظه والعمل به، وكذلك يفعل مع سنة سيد الخلق محمد ﷺ، وهذا يعني أنه لا يأتي بشيء من عنده، بل هو متبع لكتاب ربه وسنة نبيه ملتزم بما فيهما. [5]
يساعده على ذلك إدراكه الواسع لقواعد المصالح والمفاسد، وقدرته الفذة على التوفيق بينهما، وتحريه للأصلح في هذا الباب الذي تزل فيه الأقدام". [6]
يقول - رحمه الله - في حديث لمجلة المجتمع: "إن الفتوى ينبغي أن تتركز على الأدلة الشرعية"[7].
ويتضح هذا المنهج عنه في دعوته وكتبه ومحاضراته.
وفي حديث آخر يتحدث عن نفسه فيقول: "أنا والحمد لله لست بمتعصب، ولكن أحكِّم الكتاب والسنة، وأبني فتاواي على ما قال الله ورسوله، لا على تقليد الحنابلة ولا غيرهم، الفتاوى التي تصدر مني إنما أبنيها على الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة حسب ما ظهر لي، وهذا هو الذي سرت عليه منذ عرفت العلم، منذ أن كنت في الرياض قبل القضاء وبعد القضاء، وكذلك في المدينة وما بعد المدينة، وإلى الآن والحمد لله". [8]
وسئل: هل سماحتكم أميل للحديث في الدراسة؟
فقال مقاطعًا: لابد من الحديث، الحديث سمعناه مع القرآن، وكما قال الله : فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء:59] فالرد إلى الله الرد إلى القرآن، والرد إلى الرسول الرد إليه في الحياة وإلى السنة بعد وفاته ﷺ، فلا علم ولا فتوى إلا عن طريق القرآن والحديث، هذا هو العلم، أما التقليد فليس بعلم. [9]
يذكر الدكتور حمد بن إبراهيم الشتوي قصة له مع سماحته توضح منهجه - رحمه الله - في التأصيل الشرعي وبناء الفتاوى والتوجيهات والنصائح والتحذيرات على ما ورد في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ فيقول بعد ذكر القصة، وجاء فيها أنه سأله عن فتوى فأجابه - رحمه الله - فيقول:
"عجبت من هذه الفتوى، وكان أعجب ما فيها هذا التدفق الحي المؤسس، وهذا التميز الجامع بين ميزتين لم أسمعهما من قبل:
أولاهما: تفصيل الفتوى والزيادة على محل السؤال بما يحتاج إليه السائل، وهذا من بلاغة الفتوى التي تسمى جواب الحكيم.
وثانيهما: العناية بذكر الدليل، وفيه تربية للطالب، وتعليم للسائل بمأخذ الحكم، وشحذ للذهن في إدراك وجوه الدلالة، وأنواع الاستدلال مع ما فيه من التربية على الارتباط بالنصوص الشرعية من الكتاب والسنة". [10]
وهذا المنهج يتضح جليًّا واضحًا في جميع مناشطه الدعوية من دروس ومحاضرات ومؤلفات وفتاوى وتوجيهات وردود، والمطلع على ذلك يظهر له هذا الأمر بجلاء. [11]
تركيزه على أهمية العلم والبصيرة في الدعوة:
من أهم صفات الشيخ - رحمه الله - العلم الصحيح والفكر القويم المستمد من كتاب الله وصحيح السنة، مع البعد عن البدع والمنكرات والتعصبات.
فلقد كان غزير العلم، ملمًا بفنون الشريعة وعلومها، جامعًا بين الفقه والحديث، فاهمًا لمقاصد الشريعة، محيطًا بنصوصها مع سعة الأفق، وبعد النظر، ودقة الفقه، كما كان إدراكه واسعًا لقواعد المصالح والمفاسد، صاحب قدرة فذة على التوفيق بينهما، وتحري الأصلح في هذا الباب الذي تزل فيه الأقدام، وقد منَّ الله عليه وحباه حافظة وذاكرة قوية متعه الله بها إلى آخر حياته.
وقد تخلق بهذا العلم واستفاد منه في دعوته، كما جعله الركيزة الأولى من ركائز الداعية وأركان دعوته حيث قال - رحمه الله: "ومن هنا يعلم الداعي إلى الله تعالى أنه في حاجة شديدة إلى الفقه في الدين، والبصيرة بأحكام الشريعة، والمعرفة بلغة المدعوين وعرفهم، وذلك يوجب عليه التوسع في فهم الكتاب والسنة والعناية بمعرفة ما أراد الله ورسوله ﷺ، والعناية أيضا بدراسة اللغة العربية وسيرة النبي ﷺ من حين بعثه الله إلى أن قبضه إليه دراسة وافية حتى يتمكن بذلك من إرشاد الأمة إلى ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله ﷺ من أخلاق وأعمال، وعلى حسب اجتهاده وعمله وصبره يكون حظه من الثناء الحسن الذي أثنى الله به على الدعاة إليه في الآية المتقدمة، وهي قوله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا[فصلت:33]". [12]
وتأكيدًا لمبدأ العلم والبصيرة في الدعوة يوصي - رحمه الله - كل طالب علم منَّ الله تعالى عليه بالفقه في الدين، وكل عالم فتح الله بصيرته بأن عليه أن يستغل ما أعطاه الله تعالى من العلم، وأن يستغل كل فرصة تمكنه من الدعوة حتى يبلغ أمر الله، وحتى يُعلم الناس شريعة الله، وحتى يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويشرح لهم ما قد يخفى عليهم مما أوجبه الله أو حرمه عليهم. [13]
ويؤكد هذا الأمر قوله - رحمه الله: "أهم صفات الداعية عندنا العلم بأحكام الشريعة، يعني: أن يظهر عليه علمه في أعماله وأخلاقه ...". [14]
وقد كان - رحمه الله - كثير التكرار لهذا المبدأ، شديد التركيز عليه، لما له من الأهمية في مجال الدعوة إلى الله، ولما لفقده من النتائج السيئة الوخيمة عليها وعلى الداعي.
يقول الشيخ - رحمه الله - في بيان ذلك:
"قال الله تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [يوسف:108]، فأمر الله نبيه أن يبلغ الناس أن سبيله التي هو عليها الدعوة إلى الله عز وجل، وهكذا أتباعه هم على ذلك.
والمعنى: قل يا محمد، أو قل يا أيها الرسول للناس: هذه سبيلي أنا ومن اتبعني، فعلم بذلك أن الرسل وأتباعهم هم أهل الدعوة، وهم أهل البصائر، فمن دعا على غير بصيرة فليس من أتباعهم، ومن أهمل الدعوة فليس من أتباعهم، وإنما أتباعهم على الحقيقة هم الدعاة إلى الله على بصيرة.
يعني أتباعهم الكمَّل الصادقين الذين دعوا إلى الله على بصيرة، ولم يقصروا في ذلك، وعملوا بما يدعون إليه، وكل ما حصل من تقصير في الدعوة، أو في البصيرة كان نقصًا في الاتباع، ونقصًا في الإيمان وضعفًا فيه.
فالواجب على الداعية إلى الله ، أن يكون ذا بصيرة، أي ذا علم، فالدعوة على جهل لا تجوز أبدا؛ لأن الداعية إلى الله على جهل يضر ولا ينفع، ويخرب ولا يعمر، ويضل ولا يهدي، فالواجب على الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى التأسي بالرسل بالصبر والعلم والنشاط في الدعوة". [15]
فرحم الله سماحة الشيخ العلاّمة ابن باز، ورفع درجاته ونفع بوصاياه الثمينة الباقية.
التأصيل الشرعي في دعوته:
كان الشيخ ابن باز - رحمه الله - واسع المعرفة يحب الحوار الهادئ، ولا يغضب من الجدال بالحق، ويرحب بالأفكار المدعومة بالدليل، ويتراجع عن قوله إذا كان فيه خلاف الدليل، فهو يعوِّل كثيرًا على الكتاب والسنة، فلا عصمة لأحد بعد رسول الله ﷺ. [1]
وهو وإن كان حنبلي المذهب إلا أن فقهه مأخوذ من السنة مباشرة، وهو أشبه ما يكون بمدرسة ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله، فليسوا بالفقهاء الذين لم يعتنوا بالنصوص، وليسوا بأهل الظاهر الذين أهملوا كلام أهل العلم وأخذوا بظواهر النصوص؛ لكنهم يأخذون من النصوص الفقه الصحيح الموافق لقواعد الشريعة، وإن عدموا ذلك رجعوا إلى كبار علماء السنة، فأخذوا منهم ما يستفيدون منه في اجتهاداتهم الخاصة بهم. [2]
يقول الشيخ عائض بن فدغوش الحارثي: "الشيخ - رحمه الله - على منهج السلف الصالح كما هو معروف، لا يفتي إلا بدليل من الكتاب والسنة، أو الإجماع أو أقوال الصحابة، أو القياس ونحو ذلك من الأدلة الشرعية".[3]
ولا تخرج دعوته وتوجيهاته عن هذا المسار، وهو بذلك قد أرسى منهج الأخذ بالدليل الشرعي خلافًا لقول المذهب إذا لم يدل عليه دليل. [4]
"إن الثوابت والمنطلقات التي صبغت عطاء الشيخ - رحمه الله - وأطرته وميزته تتمثل في الآتي:
حرصه الشديد على أن ما يصدر منه مصدره كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، فهو دائم الاستشهاد بآياته، والاسترشاد به، والدعوة إلى الرجوع إليه، والحث على قراءته، وحفظه والعمل به، وكذلك يفعل مع سنة سيد الخلق محمد ﷺ، وهذا يعني أنه لا يأتي بشيء من عنده، بل هو متبع لكتاب ربه وسنة نبيه ملتزم بما فيهما. [5]
يساعده على ذلك إدراكه الواسع لقواعد المصالح والمفاسد، وقدرته الفذة على التوفيق بينهما، وتحريه للأصلح في هذا الباب الذي تزل فيه الأقدام". [6]
يقول - رحمه الله - في حديث لمجلة المجتمع: "إن الفتوى ينبغي أن تتركز على الأدلة الشرعية"[7].
ويتضح هذا المنهج عنه في دعوته وكتبه ومحاضراته.
وفي حديث آخر يتحدث عن نفسه فيقول: "أنا والحمد لله لست بمتعصب، ولكن أحكِّم الكتاب والسنة، وأبني فتاواي على ما قال الله ورسوله، لا على تقليد الحنابلة ولا غيرهم، الفتاوى التي تصدر مني إنما أبنيها على الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة حسب ما ظهر لي، وهذا هو الذي سرت عليه منذ عرفت العلم، منذ أن كنت في الرياض قبل القضاء وبعد القضاء، وكذلك في المدينة وما بعد المدينة، وإلى الآن والحمد لله". [8]
وسئل: هل سماحتكم أميل للحديث في الدراسة؟
فقال مقاطعًا: لابد من الحديث، الحديث سمعناه مع القرآن، وكما قال الله : فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء:59] فالرد إلى الله الرد إلى القرآن، والرد إلى الرسول الرد إليه في الحياة وإلى السنة بعد وفاته ﷺ، فلا علم ولا فتوى إلا عن طريق القرآن والحديث، هذا هو العلم، أما التقليد فليس بعلم. [9]
يذكر الدكتور حمد بن إبراهيم الشتوي قصة له مع سماحته توضح منهجه - رحمه الله - في التأصيل الشرعي وبناء الفتاوى والتوجيهات والنصائح والتحذيرات على ما ورد في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ فيقول بعد ذكر القصة، وجاء فيها أنه سأله عن فتوى فأجابه - رحمه الله - فيقول:
"عجبت من هذه الفتوى، وكان أعجب ما فيها هذا التدفق الحي المؤسس، وهذا التميز الجامع بين ميزتين لم أسمعهما من قبل:
أولاهما: تفصيل الفتوى والزيادة على محل السؤال بما يحتاج إليه السائل، وهذا من بلاغة الفتوى التي تسمى جواب الحكيم.
وثانيهما: العناية بذكر الدليل، وفيه تربية للطالب، وتعليم للسائل بمأخذ الحكم، وشحذ للذهن في إدراك وجوه الدلالة، وأنواع الاستدلال مع ما فيه من التربية على الارتباط بالنصوص الشرعية من الكتاب والسنة". [10]
وهذا المنهج يتضح جليًّا واضحًا في جميع مناشطه الدعوية من دروس ومحاضرات ومؤلفات وفتاوى وتوجيهات وردود، والمطلع على ذلك يظهر له هذا الأمر بجلاء. [11]
تركيزه على أهمية العلم والبصيرة في الدعوة:
من أهم صفات الشيخ - رحمه الله - العلم الصحيح والفكر القويم المستمد من كتاب الله وصحيح السنة، مع البعد عن البدع والمنكرات والتعصبات.
فلقد كان غزير العلم، ملمًا بفنون الشريعة وعلومها، جامعًا بين الفقه والحديث، فاهمًا لمقاصد الشريعة، محيطًا بنصوصها مع سعة الأفق، وبعد النظر، ودقة الفقه، كما كان إدراكه واسعًا لقواعد المصالح والمفاسد، صاحب قدرة فذة على التوفيق بينهما، وتحري الأصلح في هذا الباب الذي تزل فيه الأقدام، وقد منَّ الله عليه وحباه حافظة وذاكرة قوية متعه الله بها إلى آخر حياته.
وقد تخلق بهذا العلم واستفاد منه في دعوته، كما جعله الركيزة الأولى من ركائز الداعية وأركان دعوته حيث قال - رحمه الله: "ومن هنا يعلم الداعي إلى الله تعالى أنه في حاجة شديدة إلى الفقه في الدين، والبصيرة بأحكام الشريعة، والمعرفة بلغة المدعوين وعرفهم، وذلك يوجب عليه التوسع في فهم الكتاب والسنة والعناية بمعرفة ما أراد الله ورسوله ﷺ، والعناية أيضا بدراسة اللغة العربية وسيرة النبي ﷺ من حين بعثه الله إلى أن قبضه إليه دراسة وافية حتى يتمكن بذلك من إرشاد الأمة إلى ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله ﷺ من أخلاق وأعمال، وعلى حسب اجتهاده وعمله وصبره يكون حظه من الثناء الحسن الذي أثنى الله به على الدعاة إليه في الآية المتقدمة، وهي قوله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا[فصلت:33]". [12]
وتأكيدًا لمبدأ العلم والبصيرة في الدعوة يوصي - رحمه الله - كل طالب علم منَّ الله تعالى عليه بالفقه في الدين، وكل عالم فتح الله بصيرته بأن عليه أن يستغل ما أعطاه الله تعالى من العلم، وأن يستغل كل فرصة تمكنه من الدعوة حتى يبلغ أمر الله، وحتى يُعلم الناس شريعة الله، وحتى يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويشرح لهم ما قد يخفى عليهم مما أوجبه الله أو حرمه عليهم. [13]
ويؤكد هذا الأمر قوله - رحمه الله: "أهم صفات الداعية عندنا العلم بأحكام الشريعة، يعني: أن يظهر عليه علمه في أعماله وأخلاقه ...". [14]
وقد كان - رحمه الله - كثير التكرار لهذا المبدأ، شديد التركيز عليه، لما له من الأهمية في مجال الدعوة إلى الله، ولما لفقده من النتائج السيئة الوخيمة عليها وعلى الداعي.
يقول الشيخ - رحمه الله - في بيان ذلك:
"قال الله تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [يوسف:108]، فأمر الله نبيه أن يبلغ الناس أن سبيله التي هو عليها الدعوة إلى الله عز وجل، وهكذا أتباعه هم على ذلك.
والمعنى: قل يا محمد، أو قل يا أيها الرسول للناس: هذه سبيلي أنا ومن اتبعني، فعلم بذلك أن الرسل وأتباعهم هم أهل الدعوة، وهم أهل البصائر، فمن دعا على غير بصيرة فليس من أتباعهم، ومن أهمل الدعوة فليس من أتباعهم، وإنما أتباعهم على الحقيقة هم الدعاة إلى الله على بصيرة.
يعني أتباعهم الكمَّل الصادقين الذين دعوا إلى الله على بصيرة، ولم يقصروا في ذلك، وعملوا بما يدعون إليه، وكل ما حصل من تقصير في الدعوة، أو في البصيرة كان نقصًا في الاتباع، ونقصًا في الإيمان وضعفًا فيه.
فالواجب على الداعية إلى الله ، أن يكون ذا بصيرة، أي ذا علم، فالدعوة على جهل لا تجوز أبدا؛ لأن الداعية إلى الله على جهل يضر ولا ينفع، ويخرب ولا يعمر، ويضل ولا يهدي، فالواجب على الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى التأسي بالرسل بالصبر والعلم والنشاط في الدعوة". [15]
فرحم الله سماحة الشيخ العلاّمة ابن باز، ورفع درجاته ونفع بوصاياه الثمينة الباقية.
- انظر: الممتاز في مناقب الشيخ ابن باز، لعائض القرني، (ص 59).
- انظر: منهج الشيخ عبدالعزيز بن باز في الدعوة إلى الله، لسليمان أبا الخيل (ص 152).
- إمام العصر، لناصر بن مسفر الزهراني (ص 44).
- إمام العصر، لناصر بن مسفر الزهراني (ص 52).
- انظر: ابن باز الداعية الإنسان (ص 35- 36).
- انظر: إمام العصر، لناصر بن مسفر الزهراني (ص 191).
- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (5/270).
- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (8/38).
- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (8/38).
- الإبريزية في التسعين البازية، لحمد الشتوي (ص 14-15).
- منهج الشيخ عبدالعزيز بن باز في الدعوة إلى الله، لسليمان أبا الخيل (ص 131).
- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (2/342- 343).
- ابن باز في قلوب محبيه (ص 22).
- إمام العصر، لناصر بن مسفر الزهراني (ص 239).
- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (3/106- 107).