للبيئةٍ المحيطة بالإنسان أثرٌ كبيرٌ في شخصيتهِ وتكوينهِ، كما أنه بدورهِ يؤثرُ في المحيطينَ بهِ، وفي هذه الصفحاتِ شذراتٌ مشوّقةٌ من نشأةِ الشيخِ وحياتِه العائليةِ رحمه الله.
صفاته وأخلاقه
ما بينَ تواضعٍ وحلمٍ، وجودٍ وزهدٍ، ونشرٍ للخيرِ والعلمِ، وأيادٍ بيضاء في ميادين الخيرِ، تستعرضُ الصفحاتُ الآتية صورًا من معالمِ القدوةِ الربانيةِ في شمائلِ الشيخِ ومناقبِه.
حياته العلمية
لا يكادُ يُعرفُ في عصرِ الشيخِ العلّامةِ مَنْ يماثِلُه في بذلِ العلمِ وكثرةِ الطلاب وغزارةِ المجالسِ في شتى الفنونِ. فيما يلي لمحاتٌ من مسيرتِه الفذةِ وتأثيرِه العظيم على مرِّ عقودٍ من الزمان.
حياته العملية
لقد شرُفَت بالشيخ العلامةِ مناصبٌ كثيرةٌ؛ كان فيها مضربَ المَثلِ في الهمةِ والنشاطِ ونفعِ الناس والأمة، وفي هذه الصفحات طرفٌ مما بذلَه وقدمَه من إنجازاتٍ عمليةٍ وخيريةٍ هائلةٍ.
مواقفه
عبر مسيرتِه العظيمةِ ومواقفِه النادرة.. تلتقطُ الصفحاتُ التالية روائعَ من مواقف الشيخِ الرائدة في شتى الشؤون والمجالات؛ عقدية وسياسية واجتماعية واقتصادية، وغيرها.
مسيرته الدعوية
في مسيرتِه الدعوية اجتمعتْ في الشيخِ العلامةِ صفاتٌ يعزُ اجتماعُها في شخصٍ واحدٍ؛ من سلامةِ المنهجِ والهمةِ العاليةِ واجتماعِ القلوبِ تنهل من معينه الثريِ. ففي هذه الصفحاتِ قطوفٌ من ألوفٍ.
قالوا عنه
أسفرَ اجتماعُ القلوبِ على محبةِ الشيخ عن أقوالٍ كأطايب الثمار، نثرًا وشعرًا، تصفُ شمائلَه وآثاره، من محبيِه وذويهِ ومعاصرِيه، لا تقع تحتَ حصرٍ، وفي هذه الصفحات غيضٌ من فيضِها.
مؤلفات عن الشيخ
ما بين رسائل علمية أكاديمية ومؤلفات متنوعة.. شَرُفت آلات المطابع بإخراج الكثير من المؤلفات، حول آثار الشيخ العلاّمة الدعوية والفكرية والتربوية؛ تبرز مسيرة العطاء الفذة!
قالوا عنه
قال الشيخ عبدالله الشبانة - مدير عام إدارة المساجد والمشاريع الخيرية:
"لقد منح الله شيخنا الجليل عددًا من المزايا، وأنعم عليه بصفات قلَّ أن تجتمع في شخصٍ واحدٍ، كحُسن الخلق، والكرم، والتواضع الجم، وأدب الحديث، وأدب الاستماع، والعناية بشؤون المسلمين وقضاء حوائجهم، والتلطف مع كل واحدٍ، صغيرًا كان أم كبيرًا، الدعوة هاجسه في الليل والنهار، وحينما كان وأينما حلَّ لا يفتأ يمارسها قولًا وعملًا، ويدعمها ويقف بجانبها". [1]
قال فضيلة الشيخ طه بن عبدالواسع البركاتي، المدير السابق لإدارة الوعظ والإرشاد بالمسجد الحرام - رحمه الله:
"إن سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - غفر الله له وأسكنه فسيح جناته - كان عالمًا من العلماء البارزين، ومن العلماء الثّقات الذين خدموا الدعوة الإسلامية والعقيدة الإسلامية، وقد كان - يرحمه الله - يتصف بالتواضع الجم، والأخلاق الرفيعة العالية". [1]
سيرة وحياة الشيخ ابن باز، لإبراهيم الحازمي (493/1).
قال الدكتور عبدالصبور شاهين، المفكر الإسلامي - رحمه الله:
"رحمة الله على ذلك الرجل الذي طال عمره وحسن عمله إن شاء الله، فهو من خير الناس طبقًا لقول رسول الله ﷺ: خيركم مَن طال عمره، وحسُن عمله.
وإذا كان فضل الرجل يُقاس بعلمه فقد كان الشيخ الفقيد من أعلم أهل زماننا، على تواضعٍ جَمٍّ، وخلقٍ رفيع، وإذا كان فضله يُقاس بأثره في مجتمعه فإن الشيخ الجليل من أعمق مَن عايشنا من العلماء أثرًا في مجتمعه العربي الخاص، بل وفي مجتمع المسلمين بوجهٍ عام.
وقد نالني من بركته ما لا أزال أعتزّ به وأفخر، حين أفتيتُ بحرمة الدخان باعتباره صناعةً كحولية، فحكمه حكم الخمر، وجادل في ذلك بعضُ أهل الفقه من المدخنين، فأسعف الشيخُ الموقفَ بفتواه القاطعة بحرمة الدخان، واعتبرت ذلك حسبي من أوسمة الدنيا، جاءني من يد الشيخ الكريم.
وإذا كان فضل الرجل يُقاس بشجاعته فما علمتُ أحدًا من أهل الدين أشجع من هذا الرجل، كان لا يُبالي فيما يصدر من فتوى بأي اعتبارٍ يتصل بأشخاص هذه الدنيا الذين يُخيفون غيره، وهو لا يخشى في الله لومة لائم.
وإذا كنا قد اختلفنا مع الشيخ في بعض ما صدر عنه أحيانًا فقد كنا نعذره، فإن ما نُقل إليه في الموضوع المعين كان قاصرًا، فلم يستطع أن يلم بتفاصيل الأحداث، ولعل بعض ما نُقل إليه تعجله في الحكم، وأظن أنه عاد بعد ذلك إلى تقبل ما رفضه من قبل، فقد كان رجَّاعًا إلى الحق، ملتمسًا لوجوهه أينما كانت، رحمه الله". [1]
سيرة وحياة الشيخ ابن باز، لإبراهيم الحازمي (403،402/1).
قال الشيخ سعد البريك:
"رحلة الشيخ كانت في جهادٍ ودعوةٍ وعلمٍ وصبرٍ، ولذلك فقد أفنى عمره في خدمة الإسلام والمسلمين، فهو لم يعرف الإجازة أو الاستجمام طيلة حياته، فكل مكان ينتقل إليه تجده يبدأ دروسه: في الطائف، ومكة، والرياض، وجدة، ومساهماته الإذاعية في (نور على الدرب) والبرامج الدعوية بحيث لا تضيع دقيقة من حياته هدرًا، والذي يعيش في قرب الشيخ رأى العجائب لهذه الحياة المليئة بالكفاح والجهاد وخدمة الإسلام والمسلمين". [1]
جريدة عكاظ، عدد (11949)، بواسطة: رثاء الأنام لفقيد الإسلام، لإبراهيم المحمود (118،117).
قال فضيلة الشيخ عطية محمد سالم، أحد تلاميذ الشيخ ابن باز والقاضي السابق بالمحكمة الشرعية والمدرس السابق بالمسجد النبوي - رحمه الله:
"لقد فقدتُ أبي بفقد هذا العالم الجليل، وفقدتُ أستاذًا أفخر وأعتزّ بتتلمذي على يديه، وفقد عالمنا الإسلامي دعامةً قويةً من دعائم الدعوة والإرشاد والإفتاء والعلم، وركنًا من الأركان القوية في التعليم الديني.
لقد كان سماحة العلامة الوالد الشيخ عبدالعزيز بن باز رجل علم، وكان إنسانًا قويًّا، ثاقب الرأي، عميق الرؤية، بعيد النظر، قويًّا في الحق، رحيمًا، رفيقًا، رقيقًا في المواقف التي تستحق الرحمة، وكان حليمًا، ولكنه يشتد غضبه إذا تجاوز أحد حدًّا من حدود الله، وأساء إلى الدين الإسلامي الحنيف بقصدٍ". [1]
وقال أيضًا: "هذا الشخص ليس كغيره، فالشيخ عبدالعزيز بن باز يُعطي عطاءً وافرًا في العلم والمال وحُسن الخلق والمساعدة، فكان يعيش لغيره أكثر مما يعيش لنفسه، وقد هزَّ حدثُ وفاته العالم الإسلامي؛ لأنه كان ذا صلةٍ وثيقةٍ بهذا العالم في مسيرته الحياتية، سواء الشخصية أم الاعتبارية المعنوية، ففي شخصيته مكارم الأخلاق، والمروءة، والسماحة، وبذل الجهد لكلٍّ فيما يستطيعه، بل ما لم يكن يستطيعه كان يبذل جاهه عند الآخرين لتيسير حاجاتهم.
كان الشيخ ابن باز رجلًا عالميًّا، ولو أن أصحاب الجوائز العامة - كنوبل وغيره - يُقدرون النواحي العلمية الدينية لكان هو على القمة وفي الأوائل.
سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز كان كما يُقال: أمة، أي أمة! في ذاته وتصرفاته وأعماله ومقاصده وإنتاجه، فكما ذكرت الأسئلة كان رئيسًا لعدة جهات، كل جهة تحتاج رئاسةً مستقلةً، وكانت تمشي تحت رئاسته بكل نظام، وبكل احترام، وبكل توفيق.
أما لماذا أحبَّ الناسُ ابنَ باز إلى هذا الحد: فقد يُجيب عن هذا ما قاله أحد العلماء حينما ذكر أن أسباب المحبة أربعة: جلب نفع، ودفع ضر، وحسن خلقة، وحسن خلق.
فأما جلب النفع: فكان متوفرًا في الشيخ ابن باز أكثر من غيره إلى حدٍّ بعيدٍ؛ لأنه ما قصده إنسانٌ في سعيه إلى خيرٍ يحصله إلا وجد عنده المساعدة في شخصه، أو بواسطته، وكذلك دفع الشر في شفاعته.
أما حسن الخلق: فهو - كما نرى - إنسان سوي، كريم الأخلاق، واسع الصدر، حليم، وحسن الخلقة بقدر ما نتحدث عنه فلن نستوعب كمال هذا الحسن في هذا الخلق.
ومن طول معاشرتي إياه لم أسمع منه لفظًا نابيًّا، ولم أرَ وجه ابن باز يومًا عابسًا، ولم أره حَنِقًا، إنما هو مثال الهدوء، ومثال الحلم والتروي والإحسان إلى الغير، ومدّ يد المساعدة، وكل ما يدخل في تصانيف مكارم الأخلاق كنت تجده في هذا الرجل". [2]
سيرة وحياة الشيخ ابن باز، لإبراهيم الحازمي (475/1).
مجلة اليمامة، عدد (1557)، بواسطة: رثاء الأنام لفقيد الإسلام، لإبراهيم المحمود (72،71).
قال مفتي لبنان السابق الدكتور محمد رشيد قباني:
"إن سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز يتصف بعلمه الغزير الوافر، وحكمته في تبليغ نشر دعوة الإسلام للناس، وتوعية المسلمين بدينهم، ولا عجب في ذلك، فإن الحكمة في نشر الدعوة هي التي دعانا إليها الله : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن [النحل:125] ..
إن المنهج الذي يتبعه سماحة الشيخ بنشر دين الله يتميز أيضًا بعلمه الغزير الوافر، فكأنه موسوعة أو موسوعات علمية تنطق وتتكلم، فهذه هبة من الله سبحانه لسماحته.
كما يتميز أيضًا بسرعة البديهة، والحضور الذهني والعلمي في كل مسألةٍ يُسأل عنها، ويتميز أيضًا بتواضعه الجم الوافر، فهو يجلس يستقبل الناس، ويستمع من كل واحدٍ منهم، ويُجيب بصبرٍ وهدوءٍ كل واحدٍ منهم، في الوقت الذي يُجيب على الاتصالات الهاتفية لكل سائلٍ عن سؤاله.
إن سماحة الشيخ ابن باز رجل علم نادر بالأوصاف التي تحلَّى بها: حضور بديهة، وذكاء فطري، وإخلاص ظاهر لا يحتاج إلى دليل في قوله وفي عمله، فهو بحق رجل العلم الذي يدعو الإسلام إلى إنشائه وإلى القدوة به". [1]
من كلمة لفضيلته في جريدة المدينة، ملف الأربعاء، عن الوسطية والاعتدال في حياة العالم الزاهد، 1415/9/2هـ، (ص14)، بواسطة: عبدالعزيز بن باز عالم فقدته الأمة، للشويعر (768،767).
الحاج التهامي إبريز:
عبَّر رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا الحاج التهامي إبريز عن حزنه وألمه جراء فَقْد سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، وقال في حديث لجريدة الرياض:
"لقد حزنا لفراق الشيخ ابن باز منذ أن علمنا بوفاته، حيث قرأنا ذلك في الصحف الفرنسية، وسمعناه عبر المحطات المتلفزة، ولقد كان - يرحمه الله، كما عرفته والتقيت به - عالمًا بارزًا من علماء الأمة الإسلامية، وكان فريدًا في علمه وتواضعه إلى درجة أن الإنسان ليثير انتباهه ما يتحلى به هذا الشيخ الجليل من صفات عظيمة وكريمة".
وأضاف الحاج التهامي: "ما أن علمنا حتى عممنا على المساجد التابعة للاتحاد بأداء صلاة الغائب على سماحته، حيث أدينا والمصلون عقب صلاة الجمعة صلاة الغائب عليه - يرحمه الله - في جامع الملك عبدالعزيز في باريس والتابع للاتحاد، وقد خطب بنا الشيخ مختار جبلله الذي كان ذا علاقة وطيدة بالشيخ ابن باز، فأثنى عليه في خطبته، وسأل الله له الجنة والمغفرة، وعده فقيد الأمة الإسلامية".
وقال: "لقد رأينا الناس الذين يعرفونه والذين لا يعرفونه حزينين ويبكون لفراقه". [1]
سيرة وحياة الشيخ ابن باز، لإبراهيم الحازمي (452/1).
قال الشيخ عبدالله العلي المطوع - عضو المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي وكذا المجلس العالمي الأعلى للمساجد سابقًا رحمه الله:
"لقد فقد العالم الإسلامي عالمًا من أبرز علمائه، ومن أكثرهم عطاءً وتضحيةً، لقد بذل حياته - يرحمه الله - للعلم والعطاء وعمل الخير.
لقد زاملته أكثر من عشرين عامًا وهو رئيس للمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي، وزاملته كذلك وهو رئيس للمجلس العالمي الأعلى للمساجد بمكة المكرمة، وهو رئيسًا لهاتين المؤسستين، حيث إنني عضو فيهما، بجانب ترؤسه -رحمه الله - للجامعة الإسلامية في المدينة سابقًا، وللإفتاء والبحوث في المملكة العربية السعودية، ورئيسًا لمجلس البحوث الإسلامية.
كان عطاؤه من فضل الله عليه عطاءً مستمرًّا لا ينضب، كان بيته وهو جار لي بالطائف مليئًا بالزوار من داخل المملكة وخارجها؛ منهم من يطلب العلم والإفتاء، ومنهم من يطلب الشفاعة الحسنة، ومنهم من يريد العون المادي، وكان - رحمه الله - يُلاقي هذا الكم الكبير من الزوار والقاصدين بترحابٍ طيبٍ، ووجهٍ بشوشٍ، وتجاوبٍ فيما هم قاصدين". [1]
سيرة وحياة الشيخ ابن باز، لإبراهيم الحازمي (380،379/1).
قال فضيلة الشيخ إبراهيم الخضيري - القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض:
"إن سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز علم من أعلام الإسلام، وداعية من الدعاة المجاهدين في سبيل الله ، وقد انتشر علمه كالنور في كل مكان، وفي كل صقع، وبارك الله في جهوده، ونشر محبته في الأرض، ولا ريب أن فقده يُعتبر خسارةً كبيرةً على الأمة الإسلامية، ولكن عزاءنا جميعًا أن الله سبحانه وبحمده يسَّر سبلًا عديدةً لحفظ علمه وتراثه، ونشره بالطرق التي يمكن أن تنتفع بها الأجيال بإذن الله تعالى، وفي أمة محمد ﷺ الخير إلى يوم القيامة.
ولا ريب أن سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز يُذكرك بالسلف الصالح الذين إذا قرأتَ سيرهم كأنَّك تعيش خيالًا بعيدًا عن واقعنا المعاش المليء بالمنكرات والمصائب والويلات، فإذا ما نظرتَ إلى سماحته في مجلسه وجدته علمًا ينشر علمه، وفي مجلسه ذكر وخير وبركة، ووجدته يساعد الضعفاء والمساكين، ووجدته يبتهل إلى الله سبحانه وتعالى، وإذا ما قلبتَ صفحة الوفاء في سماحته - رحمه الله - وجدته وفيًّا حفيظًا كريمًا، فهو يعتني عنايةً فائقةً بالفقراء، مع ذكره لمشايخه ودعائه لهم كلما سنحت فرصة، وهو أيضًا يتفقد أحبابه وأصدقاءه، ويستجيب لدعوة من دعاه من المسلمين، ويهمه دائمًا وأبدًا نشر الخير، ونشر الدعوة، وإدخال السرور إلى المسلمين جميعًا، وله جهود مباركة لا تخفى على أحدٍ في بلادنا هذه خاصةً.
ومما ينبغي أن يعتني به طلبة العلم في مشارق الأرض ومغاربها أن يحفظوا لشيخنا - رحمه الله - تراثه الكريم، ومؤلفاته، ودعوته، وجهده، وجهاده، وينشروه في الآفاق، فإن ذلك من أعظم الأمور التي تجب علينا نحو الشيخ.
ولقد دافع سماحته - رحمه الله - عن العقيدة الإسلامية دفاعًا عظيمًا يدل على أصالة هذا العالم، وعلى حرصه وجهاده، والرسول ﷺ يقول: أنتم شهداء الله في أرضه، ولهذا ونحن نودعه وداعًا لا لقاء بعده في هذه الدنيا: نؤكد للجميع أن الأمة الإسلامية قد خسرت خسارةً فادحةً في وفاة سماحته، قلَّ أن تُعوض، ويعصب أن تُعوض، ولكن لعل مما يُخفف هذا المصاب تذكرنا لمصيبة وفاة النبي ﷺ ولعل ما يُخفف ذلك المصاب أيضًا أننا نعتني بتراثه وعلمه ودعوته، ونحقق الأهداف التي كان يدعو إليها، ومما اشتهر به سماحة الشيخ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل أحواله، فهو عالم يُجاهد في الله حق جهاده، ولا يخاف في الله لومة لائم، نسأل الله أن يغفر له وللمسلمين والله أعلم". [1]
سيرة وحياة الشيخ ابن باز، لإبراهيم الحازمي (477/1-479).
قال الأستاذ يوسف العظم، الشاعر والمفكر الأردني - رحمه الله:
"لم يكن عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - عالمًا عاديًّا هامشيًّا يُعدّ فيمَن يُعدّ من علماء الأمة الإسلامية، وإنما كان رمزًا من رموز العلم الشرعي، والفهم الذي يجعل منه مرجعيةً موثوقةً لها هيبة كبيرة، هالة من الإجلال والتقدير.
وكان الرجل على قدر كبير من التواضع، وعلى قدر كبير من الرفق، وعلى قدر كبير من الإحسان في أعمق المعاني وأرفع المستويات.
كانت علاقتي به علاقة أبوة حانية، وبنوة رحمية، وكنت أزوره في الغالب كلما ترددتُ على الرياض، أنهل من علمه ما استطعتُ من صور، وسلوكه الإيماني، وروحه الإسلامية الإنسانية، حين أرى أصحاب الحاجات وطلاب الفتاوى يُحيطون به في أعقاب كل صلاةٍ يُؤديها في المسجد الحرام، فيبذل ما استطاع لكل صاحب حاجة.
وثيابه التي يرتديها تنمّ عن عمق تواضعه، وحديثه الذي يهمس به ينم عن أبعاد رفقه وإحسانه في كل تصرفاته، وسلوكه يؤكد إنسانيته وغزير الرحمة في قلبه، له من الله الرحمة والرضوان.
لقد أبى - يرحمه الله - أن نُسجل عمارة دار الإفتاء بالرياض باسمه الشخصي حتى لا يرث أولاده العمارة، وإنما أن تُسجل بصفته مرجع الإفتاء في المملكة؛ لتكون لمن بعده من المفتين وكبار العلماء". [1]
مجلة الشقائق، عدد (21)، بواسطة: سيرة وحياة الشيخ ابن باز، لإبراهيم الحازمي (426،425/1)، رثاء الأنام لفقيد الإسلام، لإبراهيم المحمود (54،53).
قال فضيلة الشيخ عبدالله بن محمد اليحيى - وكيل وزارة العدل السابق والأمين العام للمجلس الأعلى للقضاء سابقًا:
"لقد فقدت الأمةُ الإسلامية والد الجميع سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، ولا شك أن فقده يعتبر فاجعةً للأمة الإسلامية والمجتمع السعودي حكومةً وشعبًا بصفة خاصة، إذ فقدت الأمة عالمًا جليلًا عرفته بعلمه الشرعي الغزير، ورؤيته الثاقبة لمصلحة الأمة، وإخلاصه في خدمتها، حيث كان يُعدّ - رحمه الله - مرجعًا لسائر علمائها، ولطلبة العلم في هذه البلاد بصفة خاصة، كما أن إسهاماته الجليلة في كل ما يخدم مصلحة البلاد والعباد واضحة للعيان.
إن المسلمين فقدوا عالمًا سخَّر وقته وعلمه لخدمة الخاص والعام، والسعي في مصالحهم الخاصة والعامة في كل الوجوه، فتح قلبه وبيته لسائر الناس، ومثّل حياة السلف، رحمه الله.
ولا شك أن وفاته تُعدّ مصيبةً للمسلمين وفاجعةً لا نملك معها إلا الرضا والتسليم بقضاء الله وقدره، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا سبحانه: إنا لله وإنا إليه راجعون، وإنا لفراقه لمحزونون.
نسأل الله أن يتغمّده بواسع رحمته، وأن يجبر مصاب المسلمين بفقده، ويخلف على الأمة خيرًا في علمائها ودعاتها". [1]
سيرة وحياة الشيخ ابن باز، لإبراهيم الحازمي (477،476/1).
قال الدكتور كامل الشريف، وزير الأوقاف الأردني السابق والأمين العام السابق للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة - رحمه الله:
"لقد عرفت الفقيد الكريم عن قرب، فقد كان رئيسًا للمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي منذ إنشاء الرابطة قبل حوالي 40 عامًا، كما كان أيضًا رئيسًا للمجلس الأعلى العالمي للمساجد، حيث تشرفتُ بعضوية مجلسين في مكة المكرمة، وكانت تجمعنا بالشيخ - رحمه الله - جلسات طويلة في هذه المناسبات وغيرها، ونغترف من علمه الغزير، وتمكنه الواسع في الفقه والشريعة، إلى جانب تقواه وورعه وأخلاقه العالية، وفي أغلب الأحيان كنا موضع كرمه وسخائه في بيته الذي لا يخلو من الزوار والضيوف من جميع أنحاء العالم.
لقد كان - رحمه الله - خيمةً واسعةً رحبةً يؤمّها طلابُ العلم، وأصحابُ الحاجات من كل مكان، ويجدون لديه المنهل الصافي، والصدر الرحب، فلا يبخل أو يضيق بأحدٍ.
لقد كان أبرز ما يميز الشيخ ابن باز أنه كان شديد الغيرة على شريعة الله وآداب الإسلام، صريحًا في الحق، لا يخشى في الله لومة لائم ..
وإلى جانب التزامه الصارم بحدود الله كان - رحمه الله - واسع الأفق، حريصًا على أن يطّلع على أوضاع العالم ومشكلات المجتمع الحديث، وإيجاد الحلول المناسبة وفق الشريعة وما تدعو له في التيسير وإزالة الحرج عن الناس.
وكان يتابع أوضاع الشعوب الإسلامية، ولا سيما الأقليات المسلمة، ويدعو إلى نصرتها، ويبدأ بنفسه في البذل والعطاء، ويحث المتبرعين، وكانت مكانته العلمية وهيبته إلى جانب تقواه وورعه أسبابًا في تلبية ندائه والإقبال على التبرعات السخية، وكانت هذه الروح السمحة وراء إنشاء عدد كبير من المؤسسات الخيرية في المملكة العربية السعودية وخارجها، ولا شك أن فقده سيُحدث فراغًا لدى فئات كثيرة وجدت لديه الحماية، واستفادت من علمه وفضله". [1]
مجلة الدعوة، عدد (1695)، بواسطة: سيرة وحياة الشيخ ابن باز، لإبراهيم الحازمي (420/1، 421)، رثاء الأنام لفقيد الإسلام، لإبراهيم المحمود (120،119).
قال الشيخ عز الدين الخطيب التميمي، وزير الأوقاف الأردني السابق - رحمه الله:
"كان لنبأ وفاة الشيخ الجليل عبدالعزيز بن عبدالله بن باز وقعٌ أليمٌ أحزننا وآلمنا، وبرحيله - رحمه الله - فقدت الأمة العربية والإسلامية علمًا شامخًا من أعلامها، وعالمًا فذًّا مهيبًا من علمائها، ومرشدًا هاديًا من مُرشديها في هذا العصر.
وكان - رحمه الله - حريصًا على الدعوة الإسلامية ونشرها في العالم، وعلى مصلحة المسلمين ووحدة كلمتهم، وقد حمل - رحمه الله - لأمته مصباح الهداية لسنين طويلة، يقول الحقَّ ولا يخشى في الله لومة لائم، ويبين أحكام الشريعة لكل سائلٍ وطالب علم، وهذه صفة العلماء الأعلام المجاهدين الصابرين والأتقياء الصادقين، وحسبه في ذلك مرضاة الله رب العالمين.
وعزاؤنا ما ترك من آثار علمية رصينة زاخرة بالفكر والفقه، ستبقى منارةً للفقهاء والمفتين والقضاة المرشدين للأجيال القادمة من بعده، وسيبقى ذكره طيبًا في حياتنا: في قلوبنا، وعقولنا، وعلى ألسنتنا". [1]
مجلة الدعوة، عدد (1695)، بواسطة: سيرة وحياة الشيخ ابن باز، لإبراهيم الحازمي (1/ 422)، رثاء الأنام لفقيد الإسلام، لإبراهيم المحمود (121،120).
قال الشيخ الدكتور عبدالله المطلق - عضو هيئة كبار العلماء:
"لقد كان الشيخ ابن باز - رحمه الله - مثالًا رائعًا في الدعوة الإسلامية، وتمثل في كل ذلك لقوله تعالى: وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159].
وهذا رجل عظيم آتاه الله العلم، وكان حريصًا على التعلم والاستماع لمن يقرأون عليه في كل وقتٍ، وحتى أثناء ركوبه في السيارة، ولا يُقدم له الطعام إلا في وقت الأخبار، بحيث يسمع أخبار العالم الإسلامي في وقت أكله، ولا يريد أن يذهب عليه الوقت سُدًى.
إنه رجل عظيم، وقد أثرى الحياة العلمية، ودافع عن العقيدة السلفية دفاع محبٍّ ناصحٍ، وبلينٍ ورفقٍ.
وإن جميع المسلمين يتفقون على أنَّ هذا العلامة هو من دعاة الدعوة الإسلامية، ورغم أنه لم يشغل نفسه بمؤلفات عدة كغيره من العلماء الذين قعدوا لوضع المجلدات، وإذا سألناه لماذا؟ نعلم أنه قد أشغل نفسَه بالأعمال المباشرة التي عمَّ تعلمها أرجاء المعمورة، والدعاة من شتى البلدان الإسلامية يسألونها، والدعاة يسألون ولا يبخل عليهم بعلم، وكما نعرف فهو يُقدم لهم مالًا، ويرأب جراحهم، ويُفتي من يحتاج الفتوى منهم، وهو للدعاة بمثابة الوالد الناصح والمشفق، ونسأل الله أن يغفر له، وأن يجمعنا به في دار الخلد". [1]
جريدة المدينة، عدد (13174)، بواسطة: رثاء الأنام لفقيد الإسلام، لإبراهيم المحمود (78،77).
قال الشيخ عمر بن محمد السبيل، إمام وخطيب المسجد الحرام السابق - رحمه الله:
"فقدت الأمةُ عالمها، وإمام أهل السنة والجماعة في هذا العصر، وشيخ الإسلام، ومفتي الأنام، وفقيه الزمان، المصلح العظيم، المجاهد الكبير في سبيل الحق والدين.
وقد امتاز بالكثير من الخصال الحميدة التي خصَّه الله بها؛ من حبِّه لطلبة العلم والعلماء، والفقراء والمساكين، وحرصه على قضاء حوائج الناس". [1]
سيرة وحياة الشيخ ابن باز، لإبراهيم الحازمي (487/1).